تشتيت الأفكار لمجرد إضاعة الوقت .
تتفنن حكومة الخمسية الرابعة من العشريتين المنستنسختين على طريقة النعجة دولى في ابتكار كل وسائل التنويم و الالهاء و قتل الوقت معتمدين على قصر ذاكرة ساكنة المنكب البرزخي و على ضحالة تجاربهم السياسية …
و من الواضح أن سباقا حصل بين أركان تجاذب القرار غلب فيه دعاة ملهاة التشاور على طائفة التجميع ليحل مهندسو المهرجانات فى المرتبة الثالثة متجاوزين على الاقل فئات بعضها يريد شغل الناس بصراعات حزبية أو طائفية أو طبقية أصبح حديثهم متجاوزا مثل ما تم تجاوز صراعات المدونين و خليعات التيكتوك و طائفة أخرى ما تزال منكبة على مسرحية المحاكمة تذكيها بمقارنات بين العشريتين …
لقد مل الشعب كل هذه الالاعيب و لم يعد يكترث لها حتى انه لم يعد مستعدا لمتابعتها اصلا .
لقد أفشل التجميع نظامنا التعليمي فكيف تقبله ساكنة تفرض عليها ظروفها طرقا مختلفة للعيش يريد التجميعيون تجاوزها و نقلهم الى حيث يضع الاعمى بصاقه .
إن مقارنة بسيطة بين ساكنة المدن و ساكنة الارياف تبين بوضوح أن أحدث المدن و أقلها ساكنة تفضل الاقدم منها و الاكثر ساكنة نظرا لفشل الانظمة المتعاقبة على الحكم فى تزويد البلاد بالبنيات التحتية الضرورية للحياة مجرد الحياة البدائية . كما تبين تميز الارياف فى كل شيء ليس أقله حفاظها على الحياة الاصيلة لبلاد شنقيط .
و أكثر من ذلك تفرض أنماط حياة ساكنة الارياف تواجدهم فى مواطن تمكنهم من ممارسة أنشطتهم الضرورية لحياتهم و لحياة الدولة بكاملها .
إن الثروتين الحيوانية و الزراعية تمثلان قوام حياة ما سوى المفسدين فى الارض و هي كذلك ضرورية لشهوات و متاع المفسدين .
و إن الحصار المفروض على ساكنة الارياف و الذي بمقتضاه يمنع ابناؤهم من التمدرس و يمنعون جميعهم من الاستفادة من خيرات بلدهم بدعوى التقري العشوائي هو فى الحقيقة تبرير خادع للتخلي عن ساكنة هي الأولي بالإهتمام و بالعناية .
و إن تحويل جريمة منع شعب من خيرات بلاده الى سياسة تتم الدعاية لها هو نوع من فلاذية الوجوه ليس إلا .
كان من الأولى العمل على تثبيت السكان فى مواطنهم الأصل و تجنيبهم ما يعيشه ساكنة المدن من عطش و جهل و ظلام و جوع و مرض و جريمة أبسطها ما استنكره رئيس الجمهورية من الحديث عن عطش و عن ظلام مدينة انواذيب فى القرن الواحد و العشرين و كذا ما اعترف به وزير الداخلية من انتشار واسع للمخدرات …
إن راتبي معلم و ممرض يصرفان عليهما لصالح اسرة واحدة فى الريف -علاوة على إمكانية اسهامه فى منح هذه الأسرة نصيبها من ثروات بلدها- يضمن لبلد بكامله الاستفادة من ثروتي الحيوان و الزراعة اللتين لا غني لأي موريتاني عنهما .
كما أن الخرائط الجيولوجية و الانظمة البيئية للبلاد تؤكد استحالة تجميع الساكنة فى نقاط محددة .
و فوق هذا و ذاك من المعلومات يبقي أن نذكر بحقيقة لا يمكن انكارها تبين أن العشوائيات فى بلادنا لا يقيمها إلا موظفو الدولة المتمكنون ماديا و معنويا من متطلبات إقامة تلك العشوائيات و الادلة أكثر من أن تحصر .
أول من يبدأون العشوائيات فى المدن هم موظفون يريدون مساكن بعيدة عن عامة الشعب ثم يقلدهم من دونهم من قرابة و صحاب …
و المتجول فى طول البلاد و عرضها لا تخطئ عينه منازل فخمة لموظفين حكوميين شكلت نواة لامتدادات عشوائيات نشأت مجاورة لها .
و أكثر من ذلك شهدت البلاد قيام عشوائيات بحماية من قطاعات حكومية رسمية كوزارة الداخلية و اللامركزية كما هي الحال بالنسبة لعشوائية “المدينة” فى اتفيتنات التابعة لبلدية احسي الطين و التى كلفت صراعات مريرة بين الساكنة المحلية و تجميع قبلي تسنده وزارة الداخلية و اللامركزية .
و قد حظي بمدرسة أكثر من مكتملة مجموع المسجلين فيها حوالي ثلاثين فردا أغلبهم تجاوزوا سن التمدرس .
و بالمثال يتضح المقال .
إن سياسة التجميع قد تأكد فشلها من خلال تجارب انبيكت لحواش و ترمسه و غيرهما من محاولات رحل عنها المجمعون -بفتح الميم المضعفة-قبل رحيل من دشنوها و لا عبرة بالنوادر التي تم دعمها بكل الوسائل من طرف السلطة-الطرف فى فكرة الإنشاء .
لقد مثلت سياسة طيب الذكر معاويه ولد سيداحمد الطايع فى تجميع المدارس نموذجا يحتذى به مكن من انتشار التعليم فى الوقت الذي ترك للساكنة حريتها فى اختيار اين تشاء الإقامة .
فهل ستستمر الحكومة فى العزوف عن خدمة اغلب ساكنة بلاد شنقيط بدعوى واهية تتستر وراء رفض تبديد ثروات البلاد فى غير منتزهات كبار المفسدين التي يختارونها حيث يحلو لهم ممارسة نزواتهم .
محمدالمهدي صاليحى.