ملفات الفساد قطاع الديبلوماسية(الحلقة الثانية)

قبل اسابيع نشرت الحلقة الأولى عن أسباب ضعف وفشل الدبلوماسية الموريتانية المتمثلة أساسا في انتشار الفساد والمحسوبية في كواليسها، الأمر الذي جعلها مسخرة عالمية، وقد أثارت الحلقة حفيظة المستفيدين من نظام الشهادات المزورة والتعيينات غير المستحقة الذين بادروا إلى التفاعل بسلبية عبر التعاليق، واستعانوا في ذلك بأقربائهم وأصدقائهم، لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أننا بلا دبلوماسية للأسف، وأغلب سفرائنا لا تربطهم بالقطاع سوى الصدفة وتردي المعايير وانعدام روح المسؤولية لدى صانعي القرار، وأسرد هنا أمثلة من واقع فشل وفساد دبلوماسيتنا :

– التعيينات.
ولنبدأ بالسفراء مثلًا.
1. سفيرتنا في واشنطن
سيسه بنت الشيخ بيده.
حاصلة على شهادة في الفندقة والسياحة وتم تعيينها في باريس سفيرة لدى اليونسكو، وعندما توجب ” إخلاء ” المنصب لخال السيدة الاولى شيخنا ولد النني – لي عودة له – حتى يتمكن من العلاج على حساب الدولة، تقرر إرسالها إلى عاصمة أكبر وأهم بلد على الكرة الارضية( الولايات المتحدة الأمريكية ) واشنطن، لسبب بسيط هو أن سعادتها شقيقة الجنرال حماده ولد بيده، وتنتمي للعائلات العسكرية التي تتقلد بناتها وأبناؤها مناصب سامية ( توريث السلطة، عنوان مقال عن الظاهرة نشرته قبل فترة )، واختارت السفارة بواشنطن لأن زوج سعادتها عامل مهاجر سائق شاحنة في امريكا ( وهي مهنة شريفة بكل تأكيد، ولكن بأي منطق تستخدم المناصب الأساسية في دبلوماسيتنا ل” لم شمل الأسر ؟ !” ) وما صلة الفندقة التي درستها صاحبة السعادة بالدبلوماسية ؟! ولماذا لا تتحدث صاحبة السعادة حتى اليوم لغة البلد المضيف؟ !

2. سفيرتنا في أديس أبابا.
خديجة بنت امبارك فال
ونحن نرأس الإتحاد الإفريقي، خريجة الثانوية التجارية في نواكشوط وموظفة إدارية محلية بالقنصلية الكندية في نواكشوط سابقا، ولكن بفضل علاقتها بالوزير الأول السابق، بحي ولد حمدين وزوجته الكندية، إرتقت فجأة لتصبح وزيرة للخارجية أو على الاصح للشؤون الإفريقية ثم سفيرة بعد ذلك.
و نتيجة لعدم كفاءتها عطلت عمل مجلس السفراء الدائمين في أديس أبابا، وتشاجرت معهم ومع موظفي مفوضية الإتحاد الإفريقي( راجع الحلقة الأولى )؛ لاخوف لدى سعادتها من مساءلة أو إقالة، فهي محمية من طرف وزير الخارجية ولد مرزوك – ولي عودة له هو الآخر – الذي تربطها به علاقة مصاهرة قديمة، فاستخدم حجة غريبة للإحتفاظ بها عندما قال ( حسب مصادر مطلعة ) أن عزلها لن يكون منصفًا ولو كانت عديمة الكفاءة كون موريتانيا يحكمها عديمو الكفاءة، وبالتالي فهي ليست استثناء على القاعدة.

3. سفيرتنا في مدريد.
زينب بنت اعل سالم
أستاذة إنجليزية (هذه النقطة في غاية الأهمية)، خريجة المعهد العالي للدراسات والبحوث، وخريجة ” معهد ممتاز ” في مصر حيث قدمت رسالة تخرج بعنوان ” الفكر السياسي في خطاب الرئيس معاوية ولد الطائع “. و” معهد ممتاز ” معروف لدى الموريتانيين، معهد في القاهرة غير معترف بشهاداته حتى من الجامعات المصرية وقد أغرق جامعة نواكشوط بشهاداته التي لا تتطلب أكثر من النوم ستة أشهر في مصر، وتقول السيرة الذاتية لصاحبة السعادة أنها استاذة إنجليزية غير أن الجملة الإنجليزية الوحيدة التي نطقتها أثناء تقديم أوراق اعتمادها لملك إسبانيا كانت غير صحيحة، أما تصريحها باللغة الفرنسية مباشرة بعد تقديم أوراق الإعتماد فقد كان نكتة في صالونات نواكشوط ومكاتب الإدارات وعلى وسائل التواصل الإجتماعي لأسابيع عديدة، ولكن لسعادتها ما يلزم لتجاوز مشكلتها مع اللغات، فسيرتها الذاتية الرسمية تقول أنها تتحدث اللغة الإسبانية طبعًا، ولم لا الصينية والهيروغليفية؟! ولكن لا خوف على صاحبة السعادة، فتمامًا كما كتبت عن “الفكر السياسي لمعاوية”، تتفنن اليوم في أشكال التصفيق والتزلف الذي هو أقرب إلى الإساءة منه إلى خدمة رئيسها، فعلى هامش زيارة غزواني لمدينة كيفة وقفت (عينيها مافيهم البلة) وقالت بأن من إنجازات الرئيس أن الموريتانيون كانوا يتلقون أثناء فترة كورونا غذاءهم ودواءهم وهم في منازلهم.

4. سفيرنا في تركيا.
الشيخ سيد أحمد البكاي ولد حمادي سيدي بيه.
من أغرب السفراء عبر التاريخ، لم يجلس سعادته يوما على مقاعد المدارس النظامية، وهو يكتب ويقرأ اللغة العربية بالكاد، والده أحد وجهاء الحوض، وقد خاطب معاوية ولد الطايع ذات زيارة قائلًا له: لدي إبن وحيد وأريدك أن تأخذه معك (لا يعكبك) وأصنع به ما تشاء، اخذه معاوية معه ولكنه لم يجرء على تعيينه وجعله عنصرا من عناصر بروتوكول حرمه منت الطلبه، مع تدني المعايير في التوظيف وتمييع الدولة أصبح صاحبنا سفيرا في أنغولا وفي قطر والآن في إحدى أكبر وأهم عواصم الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ( أنقرة ) ولكن لصاحبنا خبرة كبيرة في صنع الشاي، وسره أنه كلما زار تركيا وزير أو شخصية مقربة من الرئيس، يستأجر لنفسه غرفة في نفس الفندق ويتولى صناعة الشاي الأخضر، ويبدو أنه “اعظم قيام” فعلًا !
وهو شقيق عمدة أم افنادش، لا يتأخر في ترك عمله لحضور زيارات غزواني للحوض الشرقي، كغيره من المسؤولين .

5- سفيرنا في مالي.
شيخنا ولد النني.
سفير في مالي ولكنه مقيم في “الزيارات الرئاسية”، ،طالب فاشل في قسم الحقوق بجامعة نواكشوط في الثمانينيات، ظهر فجأة للعلن كمخبر موثوق فيه لدى مدير مخابرات ولد الطايع دداهي ولد عبد الله في بداية التسعينيات، ف ” ضخ ” فيه النظام أموالا فتح منها جريدة نواكشوط انفو التي اكتتب لنسختها العربية مدير الهابا الحالي الحسين ولد مدو (نعم كل المخبرين يعرفون بعضهم منذ البداية)، وكان المنافس القوي لولد النني هو محمد الشيخ ولد سيد محمد الذي ” ضخت ” فيه الأموال هو الآخر في نفس الفترة وفتح منها جريدة البشرى التي كان أهل نواكشوط يسمونها “البرافدا ” لبذاءة خطها التحريري الذي استهدف شخصيات المعارضة كولد داداه وولد بدر الدين، ولم يكن ولد النني قادرا على منافسة محمد الشيخ في التزمير والتطبيل، لذا كاد له مكيدة لدى دداهي اقتحمت بسببها الشرطة فجأة مكاتب البشرى – آنذاك قرب قيادة الحرس الوطني، غير بعيد من “مطعم زبيدة” – وأغلقتها بالشمع الاحمر ليجد محمد الشيخ نفسه خارج السباق ويبقى ولد النني مخبرا من الدرجة الاولى.
ومع الإنقلاب العسكري وصعود نجم ولد الغزواني (زوج ابنة شقيقة ولد النني) بدأ هذا الاخير يحلم أحلام الكبار ويطلب التعيين في جهاز الدولة، فعين مديرا للوكالة الموريتانية للأنباء وسفيرا في دكار ثم في اليونسكو ( ليتعالج على حساب الدولة)، وكان أول من فتح النيران على سيد ولد الشيخ عبد الله ( رحمه الله ) غداة زيارة روصو الشهيرة، وتأكد حينها العارفون به أن الإنقلاب قادم، فالرجل لا يتحدث إلا مأمورًا وآمنًا، وبعد أن أوقع به ولد احويرثي إثر مهرجانه الشهير الذي بدا وكأنه حزب بديل للحزب الحاكم، فأقيل من منصبه في باريس، تدخلت حينها إبنة أخته السيدة الأولى، ليعاد تعيينه سفيرًا في مالي، وفي حين تعتبر باماكو في الظروف العادية عاصمة مهمة لبلادنا، وعاصمة أهم في الظروف الحالية، فإن سعادته يقضي وقته في نواكشوط أو متطفلًا على الزيارات الرئاسية أينما حلت وارتحلت، وحينما اغتالت عصابات الفاغنر أبناءنا كان سعادته موجودا في نواكشوط. وعندما دخلوا في عمق أراضينا في ظل حملة إعلامية شرسة في وسائل التواصل الإجتماعي المالية على موريتانيا، كان سعادته يتطفل على زيارات الرئيس لترارزة ونواذيبو.

سأواصل نشر حلقات هذا الملف، وسأتناول بالذات مايخشاه مدمرو الدبلوماسية الوطنية :
– ولد مرزوك، كيف بدأ حياته العامة مفوضا للأمن الغذائي وفي اسبوعه الأول اشترى فيلا بعشرات الملايين في تفرغ زينه، وهي فضيحة استغلها “صحفي” ليبتز المفوض الجديد من خلال نشرها في جريدة غير أنه عرض عليه شراء أعداد الجريدة قبل توزيعها وهو ماحصل، لم يرضخ ولد مرزوك للابتزاز عندما قيل له أن ما دفع هو فقط سعر النسخة ( إحدى النسخ ) وماتزال النسخة الاخرى (كانت تلك الجريدة تنشر باللغتين العربيةوالفرنسية)، وبالتالي نشرت الفضيحة في النسخة المتبقية. سنتحدث عنه وصولا إلى توقيفه بتهمة تبييض الأموال في داكار، وأحلام العظمة المستمرة وأحاديثه عن نفسه باعتباره الرئيس القادم لموريتانيا، وأداؤه الدبلوماسي الرديء.
– حسني ولد لفقيه، أستاذ الفلسفة وعضو حركة اللجان الثورية الذي عين ذات صدفة ملحقا ثقافيا بالحزائر وتونس والذي يعتبر الآن الذراع الايمن لولد مرزوك، وإن كان يعتبر نفسه الدماغ الحقيقي لوزارة الخارجية، ويمكننا تصديقه نظرا لوضعية دبلوماسيتنا، فهو بكل تأكيد أو ولد مرزوك أحدهما هو الدماغ ( ألا بينهم بعد).
– ولد محمودًا، نجل الحجاب الشهير،الذي انتقل بقدرة قادر – أو ببركة ووالده – من مهندس معلوماتية في الوزارة عمله صيانة الكمبيوترات واصلاحها وتركيبها إلى “سفير مدير التعاون متعدد الأطراف”، وهي أكبر وأهم إدارة في الوزارة، في الوقت الذي يتسكع فيه الدبلوماسيون المهنيون من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة في أروقة الوزارة بحثا عن من يوكل إليهم مهمة بسيطة، المشاركة في اجتماع، تحرير برقية، او تنظيم اجتماع، ومنهم المثقفون الذين يتحدثون لغات عدة ويقومون بعملهم على أكمل وجه، ولكن آباءهم ليسوا ضباطا سابقين أو حاليا بالجيش وليسوا حجابه.
– الامينة العامة، الأستاذة المساعدة العالية منت منكوس عمدة لكران.
– سفيرنا في نيويورك ، سيد ولد محمد لغظف، المعين بوساطة من أخته النائبة البرلمانية والذي يتذكره الموريتانيون جيدا بسبب مقطع على وسائل التواصل الإجتماعي ظهر فيه محاولا مسك ذراع الرئيس غزواني لقطع حديث بعض أفراد الجالية معه، في حركة غريبة عجيبة اثناء زيارة الرئيس الأخيرة لنيويورك.
#يتواصل

اظهر المزيد