تصحيحا للمفاهيم/سيدى علي بلعمش

# “موريتانيا تفتح خطا أخضرا للإبلاغ عن حالات العبودية” ..

# موريتانيا تفتح محاكم خاصة بالعبودية ..

بهذا و ذاك ، تفتح موريتانيا على نفسها بوابات الجحيم بسبب عدم خبرة من يديرون الملف و تعدد الجهات المعنية به و ربما لحاجة بعضهم لاستمراره ، لارتباطه بمصالحهم الخاصة .!

لقد جَرَّمت موريتانيا كل أشكال العبودية و حسنت (مع الوقت) من نصوص تجريمها و العقوبات المترتبة عليها . و قامت أكثر من جهة (رسمية و غير رسمية) ، بأكثر من حملة ، لتوعية من تمارس عليهم العبودية و تحذير من يمارسونها : هنا تنتهي مسؤوليات الدولة بالكامل و تستمر مسؤوليات المنظمات الإنسانية ، من دون الحاجة إلى تخصيص محاكم لها ، تُصرَفُ عليها مبالغ ضخمة ، من دون أن تستقبل أي حالة عبودية أو مشتبه فيها على امتداد عام كامل و أحيانا على امتداد أعوام .
و قد آن للسلطات إغلاق هذه المحاكم (بتقرير مفصل، يُعدِّد الحالات التي وصلتها منذ نشأتها حتى اليوم) ، لعدم أهميتها ؛ فتخصيص ما يُصرف على هذه المحاكم المتعطلة بأمر الواقع، على وجه آخر أكثر إقناعًا، كان يمكن أن يساهم أكثر في التحسين من ظروف من يصرف لصالحهم ، تماما مثل ما يصرف على الهيئات المكلفة بالملف..

و من يستمع اليوم إلى “فتح خط أخضر للتبليغ عن حالات العبودية” ، يعتقد أننا في السينيغال أو في مالي أو غينيا . فلماذا نؤكد صحة اتهامنا بممارسة العبودية بمثل هذه الاعترافات الباطلة؟

لم تعد في موريتانيا أي عبودية و لا يمكن أن نطلب من السلطات في البلد أكثر مما فعلت : تجريم العبودية و استعداد الجميع للوقوف مع كل من يشتكي ممارستها عليه ، من منظمات و محامين و قضاة .
و ليس من عمل أي من هذه الجهات الوقوف مع أو ضد ، من يرضى بعبوديته (إن وجدت) لأسبابه الخاصة ..

و حتى ما يُتداول اليوم تحت اسم “مخلفات العبودية” ، يجب إعادة النظر فيه لقربه و تداخله و تشابهه مع “مخلفات الفقر ” .
يجب أن نكون قادرين على التفريق بين تشابه أوجه الاختلاف و اختلاف أوجه التشابه ..

كما يجب على الموريتانيين أن يعيدوا النظر في قاموس مصطلحاتهم الملطخة بأكاذيب عصابات الارتزاق السخيفة:
– افلام (جبهة التحرير المسلحة في موريتانيا)، حركة بولارية عنصرية ، انفصالية ، مسلحة : كل حركات “التحرير” في العالم ، مسلحة . و ادعاؤهم أن حرف (A) في مختصر (FLAM) ، تعني إفريقية (Africaine) أي هم ، لا معنى له ، لأن البيظان أكثر إفريقية من الزنوج : إفريقيا تستمد اسمها من فريقش بن تبع اليماني و كانت تطلق حتى وقت قريب على تونس دون غيرها من القارة و ليس في هذا إلا ما يدل على جهلهم بالتاريخ كتكراره في مواقع عديدة أخرى من ادعاءاتهم المكذوبة ..

– “إيرا” ، حركة شيطانية ، انتهازية ، ليس لديها ما تخسره . ولدت بخطإ مخابراتي في أوج صراع السلطات مع الكيان الصهيوني ، فحظيت بالاستفادة من وعد رئيسة وزراء الكيان السابقة غولدا ماير “من بين الدول العربية و الإسلامية الأكثر عداء لإسرائيل ، دولة موريتانيا و سيأتي يوم نخلق لها مشكلة لن تعرف كيف تخرج منها” .
و يجهل الكثيرون أن أكثر العمليات الفلسطينية في السبعينات تمت بجوازات سفر موريتانية و أن موريتانيا وحدها هي من كانت تخصص جزء من بثها الإذاعي للفلسطينيين : “صوت فتح” .
و أن موريتانيا وحدها هي من طردت السفارة الأمريكية ليلا ، تحت وابل حجارة طلابها الأبطال، بعد نكسة 67 .
“إيرا” التي تتخبأ هي الأخرى خلف تسمية الجيش الإيرلندي و المُطالِبة بترخيص حزب الرگ ، غريب التسمية و التي يخفون من ورائها المثل الشعبي “الرگ ما إنكس” ، في تهديد صريح للبيظان ، ليست أكثر من فقاعة يُلبسها الرأي العام ثوب الحقوقية و السياسية و يحولها إلى ند لنظام تحتاج ألف عام لتعكير صفو مزاجه.

– “بيرام” ، ليس عنصريا لكنه ممثل بارع .
بيرام لا ينتمي إلى غير غرائزه و خطابه العنصري ، تفضحه اعترافاته (المسجلة) ، الطافحة بالثناء على أسياده القدماء . و لا ندري بأي منطق يعطي نفسه حق الإساءة إلى أسياد غيره .

يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها لا بما تُلبس نفسها من ألقاب هي أكثر من يجهل معناها و يكفر بمحتواها : بيرام خطيئة ارتكبتها مخابرات البلد لمواجهة خيار الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ، الزعيم مسعود ولد بلخير . و هي من تدفع ضريبتها اليوم . و حين تتجاوز عملية ابتزاز السلطة إلى تحدي الشعب ، ستعرف أن لموريتانيا رب يحميها..

2/2

– “تهديد اللحمة الوطنية” :
موريتانيا متصالحة مع ذاتها ، ليس فيها من العنصريين غير من يصرخون بعنصريتهم في افلام و إيرا .. ليست في موريتانيا طبقية و لا شرائحية و لا طائفية .. ليس في موريتانيا تمييز و لا تهميش : إن ما في موريتانيا هو فساد إداري يتجاوز كل الحدود و ينعكس سلبا على حياة الجميع ، تطحن مأساته الأبيض قبل الأسود .. فساد أعمى يلتهم الأخضر و اليابس .. فساد بلا دين و لا أخلاق و لا قبيلة .. فساد أكثر من يساهم في استمراره افلام و إيرا بمشاغلتهم للمجتمع بحروبهم الجانبية العبثية و إعطاء مبررات للأنظمة لإعطاء الأولوية لقطاعات الجيش و الأمن على حساب التعليم و الصحة و بقية قطاعات التنمية..

افلام و إيرا و عزيز و غيرهم لا يستطيعون تهديد الشعب الموريتاني و لا تمزيق لحمته كما يردد الإعلام المريض و العامية الحمقاء ، إن ما يمزقون هو التحامهم هم بالمجتمع و ما يهدرون هو نعمة السلم في حق أنفسهم : الشعب الموريتاني لا يخشى تهديد أي جهة داخلية و لا خارجية و كل من جربوا ركوبه عبر التاريخ خرجوه أذلة يتخبطون في دمائهم ، لأنه شعب مسالم يعشق أرضه .. لأنه شعب غيور يركب عفاريت الجن حين تمس كرامته..

“العبودية” جريمة لا تغتفر مارستها كل شعوب الأرض منذ فجر التاريخ حتى اليوم ، بمختلف الطرق و بررتها بمختلف الطرق و تفاوتت بمختلف الطرق ، في بشاعات ممارستها .
و كان الموريتانيون أرحم من مارسها على وجه الأرض و كان أبناء البيظان و من تسمونهم بالحركات القومية ، أول من سجنوا و عذبوا و شردوا من أجل إنهاء العبودية و الشرائحية و العنصرية و الاستلاب الثقافي المتمثل في أعلى تجلياته و أبشع أنواع الاسترقاق الإذلالي ، في المطالبة بجعل الفرنسية لغة البلد الرسمية. و كانوا أول من تراقصوا فرحا في الشوارع بتجريم كل أنواع ممارسة العبودية ؛ حينها كان بيرام يظل يجمع بخشيش ترتيب ملفات العدل و يمضي بقية وقته متنقلا بين اجتماعات الحزب الجمهوري ..

و لا يستطيع بيرام اليوم أن يسرق نتيجة نضالنا لكنه يستطيع أن يبتز أنظمة ضعيفة ، ناقصة الشرعية بمثل أكاذيبها ، حين تصنع كل جهة شرعيتها و بطولاتها بكذبة ..

على السلطات أن تصنف الإعلام الموريتاني (خارج إطار المعارض و الموالي و المغازل و المبتز) ، من خلال استخدام هذه الألقاب المكذوبة : بيرام عنصري و ليس حقوقيا ، افلام عصابة مسلحة ، انفصالية ، عنصرية ، معادية لكل مكونات المجتمع .
و من يعتقدون أنهم يهددون اللحمة الوطنية لا يهددون غير التحامهم و انسجامهم مع المجتمع(…).

يجب محاسبة هذا الإعلام المتخبط في الأخطاء قبل الجميع ..

– لا أحد يستطيع الحديث عن إبادة الهنود و اضطهاد الزنوج في أمريكا..
– لا أحد يستطيع الحديث عن قضية الباسك في فرنسا أو إسبانيا..
– لا أحد يستطيع أن يتكلم في كل دول الخليج عن “البدون”..
– لا أحد يستطيع أن يتحدث عن العبيد في السنغال و مالي ، حتى آخر دولة إفريقية .
فلماذا نحن وحدنا؟

و حين أثار الزنوج في بريطانيا (قبل شهرين فقط) قضية الإرث الإنساني خلال تأبين ملكة بريطانيا ، ردت عليهم متحدثة باسم الحكومة بأن ما تعرفه هو أن بريطانيا فقدت أربعة آلاف من جنودها في مواجهاتها مع شيوخ القبائل الإفريقية الذين كانوا يمارسون بيع العبيد للغربيين..

على من يريدون محاربة العبودية (على الأقل) ، أن يعرفوا تاريخها و المسؤولين الحقيقيين عن مأساتها.

و على من لم يستطع أن يدين مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد في مينيا بوليس يا بيرام و لم يستطع إدانة احتجاج النبلاء في سين لوي على دفن العبيد في مقابرهم قبل ثلاثة أشهر فقط ، لأن في الأولى رزقك (يا مرتزق) و في الثانية حساباتك المصرفية و قصرك الجميل، أن يفهم أنه آخر من يستطيع أن يتكلم – باسم الحقوق أو باسم الحق – عن أي فضيلة في الكون ..
و على عزيز و عصابات مرتزقته و كارتلات مخدراته و بقية شبكات تهريبه للمهاجرين السريين ، أن يرينا بماذا يستطيع أن يهددنا. و على من يستغربونها منه أن يفهموا أن هذا هو عزيز في نسخته الأصلية تماما كما يعرفه كل من يعرفونه عن قرب.

اظهر المزيد