من تاريخ الكادحين… صيحة المظلوم (4) / بدن ولد عابدين

تبلورت فكرة إصدار دوريةٍ جامعةٍ ناطقةٍ باسم الكادحين وقد أصبحوا تيارا بارزاً كُتب له القبول، كٓثُرٓ مريدوه وتعدد أتباعه وتبعثرت مشاربهم الفكرية، أقول تبلورت فى فترة ما بعد لقاء التأسيس فى تكمادى بالضفة اليمنى من نهر السنغال. وازداد المشروع إلْحاحاً بعدما ودعنا الزعيم المناضل سيد محمد سميدع طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه فتوقفت صحيفة الكفاح التى كان يُصدِرُها من دكار بالسنغال  وبعد توسع حركة الكادحين وانتشارها، انتشار النار فى الهشيم ورواج افكارها التقدمية بين صفوف الأرقاء والشباب والعمال والنساء. اصبح حينها لزاماً علينا ان نُؤسس جريدة جامعة تُأطرُ الناس ويتبادلون خلال صفحاتها الاراء، تنشر بطولات الثوار وتُروج لشجاعتهم فى مواجهة القمع والتعذيب ونُخلد بذالك سُميدع لأننا قومٌ “إذا سيدٌ منا خلا قامٓ سيدٌ قؤولٌ لما قال الكرامُ فعُولُ”
“لانرهبُ الموت لا نخشاهُ …..”، نحن لا محالة ميتون كسائر البشر لكن قبل الممات نُعطى لحياتنا مضموناً ،نُكْبِرُ شهيدنا سميدع “… نأخذُ المشعل الخفاق من
يده ونملأ الدرب إيماناً وإقداما..” وكانت أول هيئة لتحرير “صيحة المظلوم” تضم مجموعة من خيرة أبناء البلد ومثقفيه منهم الشاعر بأل التعريفية احمدو عبد القادر والصحفي البارز يسلم أبن عبدم أطال الله عمره وشفاه والدبلوماسي والوزير السابق المختار حي وكان حينها محرراً بجريدة الشعب الناطقة باسم حزب الشعب الحاكم. التحق بهم بعد الايام الاولى لصدور العدد الاول الكاتب والأديب  والوزير السابق الاستاذ فاضل الداه أطال الله عمره وكانت تلك بحق، إضافة نوعية ضاعفت عدد القرّاء والمحبين لصيحة المظلوم.. جرى في أول اجتماعٍ لهيئة التحرير إختيار إسم الصحيفة ومواضيع مقالات العدد الاول، الوزير النّخّاس، بائعُ الدوابّ والعبيد تشمل المواضيع المطروقة ما نُطلقُ عليه صفة “الدسم” تحليلاً وتعميقًا للأراء وفيها أنباء متنوعة، أذكر منها مثلاً لا حصراً نبأً بارزاً عنوانه: “الوزير النخاس، والنخاس بالعربية بائع الدواب والعبيد”! يحكي قصة شابةٍ فى ريعان شبابها ساحرة الجمال، يهواها القلب إشتراها أحدٌ من بأيديهم الحكم، نهاراً جهاراً رغم ان قانون ودستور الجمهورية يُجرّمُ بيعٓ وامتلاك العبيد! في حين كنا نحن نريد الحياة بلا ظالمين ونسعى الى مجتمع العدل والانصاف تحت شعارٍ طالما تغنى به الجمهور ورددوه بحماس على ألحان وأنغام المغفور له بإذن الله محمد شين ول محامادو الشجية فى شٓوْرْ “الا كدكْ /وانت كدِ. / مانِ عبدكْ / مانكْ عبدِ”، كنا نصبو الى مجتمعٍ يكون فيه الجميع سواسية لافرق بينهم، يُنكرون ظُلْمٓ الانسان لأخيه الإنسان، واجهنا حٓرُونٓ المهمات في بدايات إعداد صيحة المظلوم، والمفارقة ان جماعة التحرير بأيديها الناعمة وعددها القليل وعتادها المتواضع كان من ضمن واجباتها ان تتولى وحدها الإعداد تحريراً وطباعةً وسحباً وتشبيكاً ونقلاً وتوزيعاً على التراب الوطني المترامي الأطراف ! أذكر فى هذا المضمار للأمانة وللتاريخ ابطالا مجهولين لا تعرفونهم بأسمائهم، منهم من قضى نحبه ونعدهم من الابرار: المغفور لهم بإذن الله : إسلم سيدِ حمود ويحي ول عمر والخليل سيد أمحمد القيادي البارز فى بوليزاريو لاحقاً. كان هؤلاء وغيرهم ضمن مجموعة المهمات الخاصة عوناً وسنداً لفرقة التحرير فى مجالات الإسناد تحولوا فيما بعد الى خلية متعددة المهام، تُأمن اجتماعات اللجنة المركزية للحركة وتقوم بحراسة ونقل المطلوبين من والى مخابئهم وتُوزعُ البريد. حافظت هذه المجموعة فى المهمات الخاصة بإقتدار على إصدار  وتوزيع صيحة المظلوم فى موعده لم يتغيب منها عدد واحد ولم يسقط لها موقع سري فى أيدي الأعداء الى ان قرر الرفاق ملء ارادتهم توقيفها نهائياً ضمن تفاهمات مع نظام المرحوم المختار ول داداه، وتلك قصة أخري لها ما لها وعليها ما عليها.

من موقع موريتانيا الآن

 

اظهر المزيد