الإصلاح التعليمي / د. محمد عالي الهاشمي
التعليم وبنيته وفلسفته الشاملة هو الأساس المنطقي والفعلي لبناء الدولة وتطورها وللتنمية الشاملة والتقدم العلمي والتكنولوجي والتصنيع وصياغة المستقبل المشرق للدولة بمؤسساتها وافرادها على حد سواء.
ان الإصلاح التعليمي عملية شاملة ومعقدة وتحتاج بالدرجة الأولى إلى ارادة سياسية صارمة وتوفير البيئة المناسبة لأحداث تغيير جذري في الثقافة السائدة بين الناس والخروج عن المألوف وتوليد القناعات بحجية التعليم وأثره في تطوير المجتمع وصولا به إلى الرفاهية الاقتصادية والعيش الكريم والارتقاء بالذات إلى مستويات عليا تضاهي ما هو موجود في الدول المتقدمه إذ انه بدون تطوير التعليم وإصلاحه سنبقى نراوح مكاننا في منأى عن العالم المتقدم.
ان الخطوة التالية لتوفر الارادة السياسية لإصلاح التعليم تتمثل في الاتجاه نحو التربية السليمة للنشىء الجديد خاصة في المرحلة الأساسية للتعليم وضرورة تبني منهج يقوم على تخصيص مسابقات متخصصة في الصفوف الأولى لتدريس الأخلاق وحسن السلوك وبروتوكول التعامل الإنساني والأخلاق والادب مع الآخرين وكيفية التعامل مع المسير في الشارع والتعامل مع الحافلات والسيارات والحفاظ على
النظافة الشخصية ونظافة البيئة وترسيخ القيم النبيلة وتصحيح المفاهيم الخاطئة الناجمة عن الثقافة المجتمعية السائده.
ان مرحلة التعليم الأساسي هي المرحلة الأهم في المراحل التعليميه المختلفه وهي البذره التي يمكن من خلالها صناعة الجيل الجديد وبناء شخصيته وصناعة الاتجاهات لديه وتوجيهه الوجهة السليمة في الحياة وزرع القيم النبيلة وتعليمهم أسس التفكير المنطقي والاستيعاب والاعتماد على الذات وتنمية التفكير والاستنتاج بعيدا عن التلقين وحشو المعلومات بطريقة ممجوجة.
ان هذا الأمر يحتاج ابتداء” إلى اعتماد منهج منظم لتدريب المعلمين وتأهليهم وتسليحهم بأدوات المعرفة وأساليب التعليم وادواته ووسائله المناسبة مع التركيز على التقنيات الحديثة في التعليم وان يكون التدريب عملية مستمرة وتخضع للتقييم بين الفترة والأخرى.
وحتى تنجح هذه الخطوه فانها معلقة بزيادة الإنفاق على التعليم وتحسين الواقع المعيشي للمعلمين وتوقيرالمعلمين والاعتراف بدورهم الريادي وتحفيزهم ومكافأتهم.
وهنا لابد أيضا من إعادة النظر في المناهج الدراسية واعادة صياغتها بما يتواءم مع الحاجة الفعلية للطالب والتركيز على تعليم اللغة العربية وخلق القدرة لدى طلبة المرحلة الأساسية على القراءة والكتابة بشكل صحيح لأن ذلك يشكل اساسا مهما لا ستيعاب وفهم بقية المساقات التعليمية. إن إعادة صياغة المناهج الدراسية ينبغي أن يشارك فيها المعلمون وأولياء الأمور وان تؤخذ ملاحظاتهم على محمل الجد لا ان توضع المناهج من أساتذة جامعيين وحدهم وهم بعيدون عن واقع التعليم ومشكلته في المدارس.
وان استمرار تقييم العملية التعليمية في مراحلها المختلفة وتحسينها وتنقيتها من الشوائب يتطلب جرأة في أحداث التغيير المنشود دون خوف او ابطاء.
وللنهوض بالعملية التربوية والتعليمية لا بد من تحسين البيئة المدرسية من حيث تقليل اعداد الطلبة في الصفوف ما أمكن حتى يتسنى لكل طالب ان ياخذ حقه في المناقشة والتفاعل وابراز الأنشطة والمشاركة الفعالة وان تكون البيئة المدرسية نظيفة صحيا ومزودة بوسائل التهوية والتدفئة والتكييف
وتوفير طاقم صحي لكل مدرسه يضم طبيب نفسي وممثل اجتماعي والرقابه الدائمه علي الوجبات المقدمه
وتوفير الأدوات والوسائل المساعدة والتقنيات الحديثة.
وان يتم معرفة قدرات الطلبة وتوجهاتهم وفرزهم إلى فئات اكاديمية واخرى الى دراسات مهنية لكبح جماح التعليم النظري والجامعي بعيدا عن قدرات الطلبة وميولهم التعليمية.