مستجدات تربوية وأخرى برلمانية / عثمان جدو
قبل عام من الآن أو يزيد قليلا وتحديدا عند إعلان زيادة على راتب النواب بُعيد اعتراضهم على علاوة المدرسين، كنت حينها قد كتبت عن الموضوع؛ تحت عنوان: بين علاوة المدرس وزيادة النائب، مستحضرا ما دار بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والمحامين والقضاة والأطباء والمهندسين الذين طالبوها بزيادة رواتبهم حتى تتساوى مع رواتب المعلمين!!، فقابلتهم بالرفض وعللت ذلك بأنها لن تساويهم بمن علموهم، ولم تكن هذه الشخصية السياسية الكبيرة التي تقود لسنوات إحدى أقوى الدول الرائدة في المجالات الاقتصادية والصناعية والسياسية والصحية والعسكرية وغير ذلك؛ تبدي جانبا أخلاقيا يُنصف المعلم معنويا بل كانت تعي؛ في منتهى دلالة الوعي، وتترجم وتطبق أن ازدهار الاقتصاد وتطور الصناعة ونجاح السياسة وتقدم الصحة وجدوائية الترسانة العسكرية؛ كلها وقفيةٌ على فعالية التعليم، فبنجاحه ننجح في هذه المجالات وفي غيرها، وبالنهوظ به ننهض، وبالعكس نتردى ونسقط.
بعد فترة من الزمن على هذه الواقعة البرلمانية وتحديدا ذكرى الاستقلال المجيد، وفي لحظة كانت مناسبة جدا؛ صحح رئيس الجمهورية الأمر، وتدارك خطأ النواب ومن تشبع بمسوغاتهم حينها ومنح تلك العلاوات التي اعترضوا عليها من قبل للمدرسين وزاد عليها بتلبية مطالب للمديرين ومضاعفة المعاشات وما اختُصَ به عمال الصحة لحظة الإعلان.
أما الزيادة الثانية لعلاوات النواب أو (إعادة التوزيع) كما يقول البعض، التي تُلهب نارُ أخبارها الآذان الآن، فقد زادت الامتعاض، وأذكت نار الاستفزاز من جديد، ومهما كان المسوغ وأياً يكن مردُّ هذا التوزيع فإن المواطن الفقير والمدرس المكابد والعاطل المنتظر سيرنو كل منهم إليها بعين اليتيم المحروم و المشرد المقهور!.
-بارقة أمل:
في الجانب التربوي يلوح ضياء الأمل من جديد بعد الإفراج عن التعيينات أخيرا في وزارة التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح المؤكدة لهيكلتها الجديدة، لقد حملت هذه التعيينات رياح التجديد وتنشيط الدماء الحية في المنظومة التربوية؛ فجلبت معها كفاءات مميزة من المعهد التربوي الوطني في إنصاف ظاهر لهذا البيت التربوي العتيق، وحرَّكت بعض الكوادر من قلب المنظومة التربوية (الإدارة المركزية) إلى أطراف الجسم التربوي الكبير ومن الأطراف إلى المركز، ورفعتْ بعضَ من كانوا أسفل، وقرَّبت من كانوا أبعد في إنصافٍ واضح لمن كانت حناجرهم صدَّاحة بالشكوى من الغَبن والتهميش.
ويُسجل بشكل جلي وإيجابي جدا إسناد المهام إلى من يُعتقد أنهم خير من يتولاها في إدارات عدة، منها مثالا لا حصرا إدارة التعليم الأساسي، وإدارة التعليم الثانوي، في تموقع جديد مشهود، يعول عليه مستقبلا، والأمر آكد عندما أُسنِدت إدارة الإصلاح إلى كفاءة تربوية عالية لم تُشبها في الماضي شائبة ولم تنضحها شبهة، هذه أمثلة فقط، قد تكون ريادية لكنها في هذه التعيينات من باب الأمانة ليست حصرية.
تأكيدا على هذا المسعى الذي يتجه حثيثا على خطى الإصلاح؛ لا بد من الإسراع في جلب طابعة عصرية قادرة على تغطية الحاجة من الكتب المدرسية؛ التي تعد الدعامة الأساسية التي يتكئ عليها المدرس وتتمحور كل أهداف المنظومة التربوية حول إيصالها –حسب المحددات- إلى ذهن التلميذ، فمن المنغصات الكبرى التي لا ينبغي التغافل عنها؛ أن نتحدث دوما عن الإصلاح ونسير في طريقه ونمضي قدما، ثم نلتفت إلى المعهد التربوي الوطني فإذا به يقارع الزمن بطابعات من الجيل القديم؛ تقادم عهدها وتناقص جهدها، ورغم ذلك يُكابد بها من أجل سد ما أمكن من الحاجة الوطنية من الكتب المدرسية.
إلى كل ما تقدم يُضاف عدم اعتماد سلك المؤلفين لحد الساعة، والذي يُعد الركيزة الموازية للطابعة العصرية، وهو صمام أمان التأليف الثابت والمتزن والمجسد للتصورات في منتهى الضبطية التربوية.