العلامة والفقيه حمدا ولد التاه المتبحر في المعقول والمنقول
20 ديسمبر, 2020 – 18:20
هو العلامة الفقيه الأصولي المحدث، المتبحر في المعقول والمنقول، مفتي العصر، وهو أيضا القطب والولي الصالح تاج العارفين ومنار المهتدين ذو الفتوحات الربانية والخواطر العرفانية، والأنوار الظاهرة والكرامات الباهرة، وذو الأخلاق الرائقة والمكارم الفائقة، ذلكم هو شيخنا المربي العابد الزاهد المنفق القدوة الشيخ حمدا بن التاه بركة الوقت مد الله تعالى في عمره، فهو من الأوتاد الذين بهم ثبت الله تعالى هذه الأرض في هذا العصر، ولا ينبئك به مثل خبير..
كان من نعم الله تعالى علي أنه كان شيخي الذي ترددت عليه سنوات عديدة منذ أواسط التسعينات وحتى مغادرته نواكشوط في السبخة ثم في سوكوجيم ثم في تفرغ زينه، ودرست عليه صحيح البخاري وأجازني فيه عن محدث المغرب الإمام الكتاني كما درست عليه غيره، فقد كان حفظه الله بحرا لا تكدره الدلاء، ينثر الحكم بديهة ولا يرد سائلا سواء كانت مسألته حكما أو مالا أو جاها، مع الرفق واللين والتحمل والصبر على الناس وإكرامهم.. وأحمد الله تعالى على أني نشأت على معرفة هذا الولي الصالح وتبجيله فقد كان صديق أبي الشيخ بن محنض ووزيره عندما عين الشيخ حمدا وزيرا مؤسسا لوزارة الشؤون الإسلامية، وعين الشيخ بن محنض أمينها العام، فكانت تسمى حينها وزارتهما بـ”وزارة أولاد ديمان”، كما كان صديق والدتي الولية الصالحة عائشة بنت المختار بن حامدن وخاصتها، وصديق خالي محمدن بن المختار بن حامدن الذي كان يحدثنا رحمه الله تعالى وسمعته غير ما مرة أيضا من والدتي عائشة أنه إبان فترته سفيرا بالملكة العربية السعودية وكان صديقا لملوكها وأمرائها، وموضع تقدير كبير من طرفهم، وكانت لهم علاقة متميزة مع موريتانيا ورئيسها آنذاك المختار بن داداه، حدث أن أخبر أن كلمة الوفود الإسلامية في تلك السنة ستكون من نصيب الوفد الموريتاني الذي يرأسه الوزير الشيخ حمدا بن التاه.
قال محمدن: فشعرت أن هذا امتحان كبير لبلدي الذي ينظر إليه على أنه بلد العلم والعلماء وبلد الفصاحة والشعراء، فعزمت على الذهاب إلى الوزير حمدا لإخباره والعمل معه على تحضير كلمة تليق بمكانة موريتانيا في نفوس العالم الإسلامي آنذاك، لكن الشيخ حمدا لم يشأ ذلك مكتفيا بطمأنة السفير محمدن الذي ازداد همه، كيف للشيخ حمدا أن يلقي كلمة مرتجلة أمام وفود العالم الإسلامي المليئة بالوزراء والعلماء وبمحضر من جلالة الملك وكبار الأمراء؟ على كل حال اتكل محمدن على الله وترك الشيخ حمدا وما يحلو له، وكم كانت مفاجأته يوم الاجتماع عندما شرع الشيخ الوزير في ارتجال كلمة لم تمر دقائق حتى أصبح جميع من في القاعة محلقين أعينهم في الشيخ حمدا، منصتين صامتين كأن على رؤوسهم الطير وهو ينثر الدرر ويجيء بالعجب في مزج وتصوير غير مسبوق بين أحداث البعثة والهجرة والحج والواقع المعاصر، فكانت كلمة الشيخ حمدا في ذلك اليوم فتحا ديبلوماسيا عظيما لموريتانيا ترك أثرا كبيرا في نفس الملك والأمراء وسائر الوفود وكرس ترسيخ مكانتها العربية والإسلامية.. بعد ذلك -وقبله طبعا- لم يزل الشيخ حمدا يعلم ويفتي ويخطب ويحاضر بالخطاب الرائق والحكمة البالغة، ناشرا في هذه الربوع وأينما حل سماحة الإسلام ووسطية الدين وفقه الواقع، يرفع الحرج عن الأمة ويزكيها ويعلمها مكارم الأخلاق، كل ذلك مع تواضع العلماء وإخبات الأولياء، فكان بحق مدرسة الإسلام والإيمان والإحسان معا..
أوذي فصبر ونُصر فشكر، وقدم عمره كله لدينه وأمته وبلده، واليوم وهو القبس الذي نعشو إليه والنور الذي نقتبس منه، والبركة التي نتلمس، لن يضره ألا يعرف له أحد قدره فقدره محفوظ له في قلب كل موريتاني صادق.. متعنا الله تعالى به آمادا مديدة..
نقلا عن صفحة الإعلامي الموريتاني البارز الحسين ولد محنض