هل يدركها غزواني/سيدي علي بلعمش
أمر عجيب ، لفت انتباهي ، بعد محاولة فهم حالات مفصولة أو كنت أعتقدها مفصولة ، قادتني في النهاية إلى نتيجة مؤكدة ، لا مجال للشك في صحتها : كل من كانوا يحتلون الصف الأمامي لمعاداة عزيز تتم معاملتهم اليوم بنفس الطريقة : احترام مصطنع ممزوج بحذر غير مفهوم في ثوب انتقام دفين يتنكر لأسبابه..
و مع أنهم في حدود أصابع اليد (أعني من ضربوا عرض الحائط بكل مصالحهم و تفرغوا لمواجهة عصابة حرابة عزيز).
و رغم اختلاف أسباب معارضتهم له و اختلاف وسائلهم و ظروفهم ، ما زال النظام الحالي يعاملهم بنفس الطريقة كخلية واحدة كانت تتوزع الأدوار بأعلى درجات التنظيم و الانضباط!!
لا شك أن عداء عزيز كان يجمعهم و لا شك أنه كان السبب في التقاء بعضهم و في اهتمام بعضهم بالبعض و لو عن بعد ، لكن ما لم يفهمه أحد هو أن سر قوة هذه المجموعة الصغيرة (8 أشخاص بالتحديد) ، هو أن وسيلة كل واحد منهم كانت تكفيه لتشكيل جبهة متكاملة العناصر من دون الحاجة إلى أي أحد ..
نعم ، لا شك أنهم كانوا يشتركون في خصائص بشرية هي كانت وراء قلتهم و قدرتهم على التأثير : عدم الانقياد ، الذكاء ، الثقة في النفس ، العناد ، الشجاعة ، وضوح الرؤية ، رفض الإذلال و صغر عزيز في أعينهم .
و من أسرار قوة هذه المجموعة أنهم :
– لم يكونوا سياسيين ..
– لم يكونوا معارضين للنظام بل كانوا معادين لعزيز و مجموعة كلاب الدفاع عن عبقريته و وطنيته ، المتعرضين بسخافة مُهينة لكل من لا يُسبَّح بحمده ..
هذه المجموعة الممسوخة ، المعروفة من الجميع ، التي كانت تملأ زمن عزيز المشؤوم بالصراخ و النباح و النفاق المقزز ، لا تحتاج أكثر من نفخة شدق لنسفها ، لكنها استطاعت بمهاراتها في التزلف و النفاق أن تقترب من الرئيس الحالي حتى في حياته الخاصة ، حتى أصبحت كل قذيفة باتجاهها لا بد أن تصله بعض شظاياها وكل منقصة تقوم بها لا بد أن تربطها الناس بسياسته و توجهاته و تعليماته !؟
لقد أصبحت هذه المجموعة الطفيلية اليوم تحتل نفس المسافة التي كانت تحتلها من عزيز ، من الرئيس ولد الغزواني ، فعششت و باضت و أفرخت ، متقربة إليه بتشويه سمعة كل أعدائها لا أعدائه .
و يبدو واضحا أنه كان بحاجة إلى تصديقها لأسباب لا علاقة لها بالموضوع و صدقته هي الأخرى لأسباب لا يهمها على أي أساس، اكتفاء بالنتيجة.
لكن مصيدة الغبي القاتلة و الأزلية هي أن تقول له إنه ذكي و يصدقها . و هذه بالضبط ، هي المرحلة التي تعيشها هذه العصابة المنبوذة من المجتمع ، محفورة الأسماء و الصور في وجع ذاكرة شعب ينكؤون جراح عطبه بإصرارهم على البقاء في الواجهة .