اختلط الزبي بالزبي/سيدي علي بلعمش

من المؤسف ، المخجل ، المخيف ، في هذا البلد الطيب ، بما عُرف به من خصائص بعيدة من هذا المنزلق الجماعي المهين ، هو هذا الصعود المتنامي (أفقيا و عموديا) للغوغاء على الواجهة الثقافية و السياسية و الاجتماعية للبلد ، المُقابل بحالة انكسار ممنهج للنخب العالمة ، في ما يشبه الهزيمة التاريخية المُذِلة ..

لا صوت يعلو اليوم في هذا البلد ، فوق صوت الغوغاء و لا تبجح و لا تنمُّر َو لا تعرض يعلو فوق تبجحهم و تنمرهم و تعرضهم ..

صورُ رموز الغوغاء مع رموز البلد لم نَعُد نميز أيها هي و أيها هم ..
لم تَعُد تُخجل غير المسكونين بكبرياء تجاوزه الركبُ في كل الاتجاهات ..
لم يَعُد يُلاحظها أو يعلق عليها غير متخلفٍ تربَّى في مدرسة لم تحظ من وقت طويل بأي تحديث..

تربع حثالة المجتمع على واجهة النفوذ بسلاطة ألسن مكسري الأيادي و سطوة المعفيين من ضريبة الفحولة و دلال “القوارير”، لم تعد مَعَرَّة في صالونات نخبة صفقات التراضي الاجتماعي ..

لعنة المثلية و دعوات النسوية و سطوة الديوثة لا تتم مواجهتها بالقوانين و إنما بالرفض الاجتماعي منهار الجدران في بلدنا بعد ظهور طبقة مخملية (في الإدارة و المال و الأعمال) ، تُغالب نُعاس الترف في أحضان قِوادة تتبجح بالتمردَ على الدين و الأخلاق ..

هذه النخبة الإدارية منزوعة الكرامة و الوطنية ، مخجلة المسؤولية و المعارف ، متوسعة الانتشار على خارطة الوساطة و المحسوبية ، بلا شهادات و لا أخلاق و لا أي مفهوم للمسؤولية هي التي أفسدت الإدارة و المجتمع ..

إن العبقرية الوحيدة التي تقدم لنا هذه ا”لنخبة” صارخة الانحراف ، هي الانتقاص من أهمية المعارف و السخرية من أوهام أصحاب الشهادات ، في تعبير واضح عن عقدتهم التي يحاولون منذ الأزل تحويلها إلى موضة ، تُلغي بكل فضيلة في مزبلة التاريخ ..

ما تعيشه إدارتنا اليوم من فساد (بسبب تحكم هذه “النخبة” المعوقة عقليا و أخلاقيا) ، تجاوز كل حدود إمكانية التعايش .. تجاوز كل حدود تحمل الإدارة و المجتمع ..

لا حق للمواطن اليوم في هذا البلد إلا ما تكرمت به هذه الزمرة الفاسدة عليه..
لا حق للوطن اليوم في هذا البلد ، إلا ما يخدم مصلحة هذه المافيا المتأبطة شرًّا و فسادا و استهتارا بكل شيء ..

لا سبيل للإصلاح ، لأي إصلاح في هذا البلد ، من دون تأمل (بألم) ، ما يحدث فيه من فساد إداري ضارب في الأعماق بسبب جهل و طغيان و استهتار هذه “النخبة” الفاسدة ، المفسدة ، المتربعة على واجهة المشهد بالوساطة و المحسوبية و كل أنواع التحكم و النفوذ السلبيين.

*حفظ الله موريتانيا *

اظهر المزيد