مهرجان التمور في عيون الصحفيين

مهرجان كيفة للتمور: مسرحية مفضوحة وفساد ممنهج
بقلم عبدي عبدي

في مشهد عبثي لا يليق بمكانة مدينة كيفة، عاصمة ولاية لعصابة، تحوّل ما كان يفترض أن يكون احتفالاً زراعياً وتنموياً – مهرجان التمور – إلى مناسبة مثيرة للجدل، عكست مرة أخرى هشاشة التخطيط، وفساد التسيير، ومحاولات تزييف الواقع أمام أعين أعلى هرم في السلطة: رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.

أكثر ما أثار استياء الساكنة هو الشعور الواضح بأن المهرجان لم يكن موجهاً إليهم، بل أُعدّ بعناية ليكون “مسرحية سياسية” بامتياز. فبين الحواجز الأمنية المشددة، والبطاقات المُنتقاة بعناية للأشخاص “المرغوب في ظهورهم”، تم استبعاد الغالبية الساحقة من سكان كيفة، وخاصة الفاعلين الحقيقيين في القطاع الزراعي ومزارعي النخيل المحليين. تساءل كثيرون: “لمن أُقيم هذا المهرجان؟ وأين أبناء كيفة؟”

وراء اليافطات البراقة وعروض التمور المنسقة بعناية، يختبئ واقع مرير من التلاعب والفساد. مصادر محلية تحدثت عن مبالغ طائلة صُرفت على تنظيم الحدث، دون شفافية أو رقابة تُذكر، في وقت تعاني فيه المدينة من نقص حاد في المياه، وتدهور في البنية التحتية، وتهميش متواصل في سياسات التنمية الزراعية.

ما فاقم الغضب الشعبي هو ما اعتُبر “مغالطة صريحة” لرئيس الجمهورية، حيث تم تقديم صورة وردية زائفة عن أوضاع المدينة وواقع قطاع النخيل، من خلال تقارير مفبركة وخطابات مُنمّقة، أعدها مسؤولون محليون هدفهم الوحيد التغطية على فشلهم في أداء مهامهم. بدل أن يكون المهرجان فرصة لطرح المشاكل التنموية بجرأة، استُخدم كأداة لتجميل الواقع وتزييف الحقائق

إن ما جرى في مهرجان كيفة للتمور ليس مجرد خلل في التنظيم، بل مؤشر واضح على أزمة أعمق: أزمة ثقة بين المواطن والدولة، بين الخطاب الرسمي والواقع المعيشي. وإذا لم تُراجع السلطات نهجها، فإن مثل هذه المهرجانات لن تكون سوى مسرحيات هزلية تفقد أي معنى تنموي، وتعمق الجرح بين الدولة والمواطن.

اظهر المزيد