المعارضة و الموالاة

تصحيح المفاهيم

نحن قاطنو منطقة “العين الخاوية” لا يهمنا التفريق بين المعارضة و الموالاة لاننا مبرمجون علي وتر الحقيقة ليس إلا و لا يهمنا أن يصنفنا غيرنا كيف يشاء ، فنحن ما كنا خايفين من استبعاد و لسنا طامعين في تقريب : “طيب ف ليدين كنا طايبين” .
لكن اختلاط مفهومي المعارضة و الموالاة أضر بالشأن السياسي في البلاد الي حد سيطرة المفسدين علي تسيير الشأن العام تحت خدعة الموالاة حيث تمكنوا من اقصاء كافة الكفاءات الوطنية النزيهة و المؤمنة بوجوب تحكيم العقل و الحق و العدل من اجل تأسيس دولة المؤسسات دولة النظام دولة القانون …
لقد شغلت الطبقة المثقفة الناس باسطوانة تافهة لحمتها و سداها الحسد و الغيرة تروج لأن ما يجرى من تعيينات هو تدوير اشخاص و حتي اسر و مناطق بعينها في مفاصل الدولة ، دون ان يكشفوا للناس حقيقة الواقع المزري و الخطير المتمثل ببساطة تامة في تحميل العامة أخطاءها و عجزها و تقاعسها عن نيل حقوقها للانظمة المتعاقبة علي حكم البلاد .
إن عجز الشعب عن الكفاح من أجل كسب حقوقه مكنت من كانوا وصلوا الي دفة الحكم في غفلة من الناس عبر قاعة الاختيار التي اقامها المستعمر من اجل استبعاد خصومه و تمكين عملائه من تسيير الشأن العام .
ان استمرار نفس الطريقة جعلنا نحن العامة نتوهم ان من يتم تكليفهم بتسيير الشان العام يتم تدويرهم خلال الانظمة المتعاقبة اقتصارا عليهم دون غيرهم كرغبة ذاتية ممن يتولون مقاليد الامور …دون ان نفكر في ان سلبيتنا نحن هي من فرضت ذلك …
الم نسائل أنفسنا يوما كيف يفوت علي راس النظام ما ندركه نحن ؟ أم كيف لا نبذل نحن ادنى جهد لانتزاع حقوقنا حفاظا منا علي “مصالحنا” و بالمقابل نظن ان راس النظام اقدر منا علي التضحية بمصلحته من اجل مصالح الغوغاء و الرعاء ..
نحن نجهل بالفعل قواعد اللعبة التي تحكم انظمتنا التي تشكو جميعها علل التأسيس التي قامت عليها دولتنا و لا زالت الايام تزيدها اعتلالا و اختلالا و استفحالا ، كان من المنتظر ان يتولى رأس النظام عملية التصحيح هذه لكن اختلالات و اعتلالات التاسيس فرضت عليه ان يكون جزءا من المنظومة العامة ففضل ان ينجو بنفسه كما فعلنا نحن فخلا الجو لمن كانوا وصلوا اول مرة لتسيير دفة الامور فانفردوا بالامر و اعادوا انتاج انفسهم و استنساخها و تدويرها …
لقد آن الاوان لنتبين ان علي المستضعفين في الارض انه لن يتغير حالهم ما لم “يغيروا ما بانفسهم” و أن من “جاهدوا فينا” هم وحدهم هم من “سنهديهم سبلنا” و هم وحدهم من س”نمكن لهم في الارض” وفق النواميس الكونية التي رسمها الله تبارك و تعالي لتسيير الشان العام في هذا الكون …
من هنا يتحتم أن لا نغتر بخلط المفاهيم الذى دأب عليه المفسدون حين يسمون من يحيطون بالانظمة بالموالاة و يصفون من ينأون بأنفسهم عن مختلف الممارسات السيئة بالمعارضة محاولة منهم بالتحكم في رأس النظام و ارتهان ارادته بمشيئتهم حتي يضمن لنفسه البقاء .
تصحيحا للمفاهيم يتحتم علي كافة المستضعفين في الارض ان يلتحموا برأس السلطة و لا يقبلوا سيطرة المفسدين علي السلطة عبر دعوى انهم موالاة في الوقت الذى يشكلون عبء النظام الوحيد من خلال غشهم و خداعهم و رشاويهم و صفقاتهم و نهبهم …
ان قبول المستضعفين الانزواء عن السلطة و عدم مقارعة المفسدين بالسلاح ذاته يجعل هؤلاء المفسدين في حل من امرهم يصفونهم بابشع الاوصاف و يروجون عنهم الاكاذيب و يلفقون لهم التهم ليستبعدوهم من ساحة التسيير ليتمكنوا اكثر من اطر راس السلطة علي التسليم لهم و الاكتفاء بالكرسي مقابل انفرادهم بتقاسم المزايا و افراغ النظام من معناه من اجل التخلص منه و استبداله بمن سيمكنون لهم اكثر ..
لقد آن الاوان لينتهي زمن تسمية اكلة المال العام و مافيات الفساد موالاة لان ما يقومون به من نهب و سلب هو المعارضة عينها . و إذا فهمت المقاصد فلا مشاحة في المصطلحات …
محمدالمهدى صليحي

اظهر المزيد