هل تريدونها مشاكل نبحث لعا عن حل /سيدي علي بلعمش
*بعد تعديلات طفيفة في رتوشات توضيحية* ، أُعيدُ اليوم نشر هذا المقال لأننا لم نبرح بعد نفس المكان في أي اتجاه و لأن سماسرة الأزمات و حاضنتهم الفرنسية التي كانت تُطلق على موريتانيا اسم “*أرض البيظان*” ، هم اليوم من يجب أن نتخلص منهم بحجر واحد : لم يعد اليوم أمام موريتانيا سوى إلغاء تعليم اللغة الفرنسية و طرد المركز الثقافي الفرنسي .
كل العالم اليوم بما فيه النخب الفرنسية ، يتجه إلى تعلم لغات العلم ؛ الانجليزية و الصينية و الروسية و الإسبانية ، فماذا نريد نحن من الفرنسية غير ميراث استعمارها البغيض ؟
———————————
*تم نشر هذا المقال في نفس هذا اليوم و الشهر (29 اكتوبر) من سنة* 2021
*تحت العنوان التالي* :
——————————
*هل تريدونها مشاكل نبحث لها عن حل أم أزمة سياسية تبحثون لها عن تعقيد*؟/سيدي علي بلعمش
لدينا في موريتانيا مشكلة تشخيص و تشريح ، لهذا يصعب علينا اليوم أن نحدد هل لدينا بلد يعاني من حزمة مشاكل تراكمية تحتاج تشاورا مع نخب البلد أم لدينا أزمة سياسية تحتاج حوارا وطنيا شاملا ، و هما أمران مختلفان في تكوينهما و في البحث عن حلول لهما . و لكي أحيط بالموضوع هنا ، سأنطلق من أننا نعاني من المشكلتين : مشاكل تراكمية و أزمة سياسية.
– لا تحتاج المشاكل التراكمية في البلد إلى عبقرية للحديث عنها : لدينا فهم خاطئ للمسؤولية، لدينا فوضى إدارية تجاوزت كل الحدود، لدينا عبقرية على مستوى الظواهر ، في سَنِّ القوانين الرادعة و إنشاء الهيئات الحامية لها من دون أن نرى لها أي أثر على الأرض، لدينا إدارة تحتقر المواطن ، لدينا فائض في التفاهمات المشبوهة، لدينا حالة فكرية معقدة تتمثل في أننا نقبل كل شيء (الإسلام، الديمقراطية، الليبرالية، الاشتراكية، العلمانية …) لكننا لا نؤمن بأي شيء . و لدينا فراغ روحي لم نتعلم أن نملأه بغير “السياسة”.
تلك هي أهم المشاكل المتراكمة التي تعاني منها بلادنا و نستطيع أن نلاحظ بسهولة أنها كلها تعود إلى الإنسان ، لا قلة الوسائل و لا الوعي بأهميتها و لا عدم القدرة على التعامل معها. و عدم ظهور هذه المشاكل يعود إلى أننا ولدنا فيها و عشنا في أحضانها و أصبحت جزءً من ثقافتنا في الممارسة و الوجدان..
و لدينا أزمة سياسية نعم، لا تقل صعوبة و رسوخا من الأولى . و ما يُحيِّرني هنا هو إصرار “النخبة” على إثارتها إن لم يكن شاهدا استعصى على الإخفاء ، على صحة ما سيأتي:
أول أسباب الأزمة السياسية هو أن جل النخبة الممارسة للسياسة ليست نخبة و ليست سياسية ..
ثاني أسباب الأزمة السياسية هو أن جل النخبة الممارسة للسياسة ، هي بالدرجة الأولى مجموعة سماسرة أزمات، تمارس بالمكشوف لعبة (“… إن لم نجده عليها كنّا اخترعناه”).
و لا شك أن السلطات ساهمت منذ ميلاد الدولة حتى اليوم، في تفاقم هذا الورم الخبيث المستعصي اليوم على الحلول..
ثالث أسباب الأزمة السياسية هي أن من يعيشون على ابتزاز الأنظمة في هذا البلد يحتاجون إلى اختلاق أزمة مع قدوم أي نظام جديد لاستمرار قضيتهم المفبركة ، المعدة تحت سقف استقلال ذاتي ، يفضلون مزاياه على حصوله ، مع إدراكهم الكامل بأنه حلم في قبضة المستحيل..
رابع أسباب الأزمة السياسية هي أن حل أي مشكلة يحتاج إلى رغبة من جميع الأطراف في حلها ، فكيف يساهم من يعيش عليها في حلها؟
خامس أسباب هذه الأزمة السياسية هي أن هذه “النخبة” السياسية تسند ظهرها إلى فرنسا *التي تنسَى و ينسون اليوم ، أنها هي من كانت حتى وقت قريب ، تطلق على موريتانيا اسم* “*أرض البيظان*” . و لم تفهم أنظمتنا في أي يوم أن تخيير فرنسا بين التعامل مع موريتانيا و تجريم هؤلاء و طردهم من أراضيها ، سيحسم أمر نهايتهم في أقل من يوم. و لا تحتاج موريتانيا إلى شرح للسلطات الفرنسية لأن فرنسا هي من خلقتهم و هي من توجههم و تدرك زيف قضيتهم أكثر من الجميع ..
على النظام إذن أن لا يتحرج من التشاور و لا من الحوار ، لكن عليه في كليهما أن يطرح ما يبرره و يعالجه من زاويته فليست هناك مشاكل في موريتانيا غير ما ذكرناه و يتطلب حلها تشاورا فعليا مع كل الفاعلين و ليست لديها أزمة سياسية غير قضية سماسرة الأزمات و آن لها بالفعل أن تطرح على الطاولة لإيجاد حل نهائي لها.
*و حول موضوع لغات التعليم ؛ على السلطات أن تكون واضحة و صارمة : هل هو موضوع سيادي نعود فيه إلى الدستور أم موضوع سياسي يتحمل كل الآراء و المقترحات* !؟
على الزعيم الكبير و المناضل البانافريقي العظيم و رفاقه الأبطال في قوس قزح و لا تلمس جنسيتي و غيرهم ، أن يدخلوا اليوم الأراضي المالية أو البوركينابية أو النيجرية (حيث يقتلون على الهوية) ، ليفهموا أننا لم نعاملهم يوما من منطلق ما تتيحه السياسة و إنما من منطلق أنهم إخوة في الدين حرام علينا دمهم و مالهم و عرضهم .
على هذه المافيات التي تعيش على سمسرة مقدسات بلدنا أن تفهم اليوم أنها تجاوزت كل الحدود .. أن تفهم أن عصابة “إيرا” حجة عليهم ، لا يمكن أن تخدمهم في شيء .. أن الديمقراطية و حقوق الإنسان التي ترتكب اليوم باسمهما كل جرائم الأرض ، لن تسأل عنهم حين يطرح أمام فرنسا الخيار بين طردهم من أراضيها و الحفاظ على مصالحها في موريتانيا !!
أنصحكم بالتفكير مليا في ما تقومون به من استفزازات لأهل هذا البلد الطيبين ، الصابرين على كل ما تقومون به من تجاوزات لم يعد الزمن يسمح بتجاوزها ..