من “أماتي” الى “مريم” هاتي

من “أماتي” إلى “مريم”، هاتي
الدكتور محمد محفوظ محفوظ
مفتش شغل/كفيف

على الأقل وزيرتان
بينهما كان ما كان.
دخلت القطاع بعد أن تنحت الأولى، وها أنا ألهث، والثانية لم تستلم بعد وظيفتها ولا حول.
الأولى على الأقل وجدت ثمار عملها
قامت بتصحيح أو تعديل أو تبسيط الرواتب.
فخرج المفتش والمراقب مما كان فيه من جحر.
خرج، لكن ليجد الأرض قاحلة أمامه، ولم يكن أمامه إلا أن يلتفت وراءه ولا يرى ما قدامه.
وفي هذا الخضم العرمرم، تم اكتتاب دفعتنا من ذوي الاحتياجات الخاصة.
بطالة مقنعة، أقولها بصراحة ولا أجد في ذلك حرج.
بطالة مقنعة، أقولها بصراحة،
كيف لا والدكتور منا مُعطّل، دكتور في الآداب والحضارة العربية، منبره فارغ في الجامعة وقد أكل البنك أكثر من نصف راتبه.
وكيف بغيري من الزملاء من يعيش على سيارة أجرة بالكاد يجر نفسه حتى يشغلها.
مأساة وأي مأساة، وملهاة ولا هوميروس ليخرجها.
سيدتي الوزيرة انتبهي فأمامك حفر وقع فيها غيرك من الوزراء
ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك
أين سيدنا عالي محمد خونه؟ كان سجينًا منذ أيام.
وكنت لتصل إليه يجب أن تخلع اللثام، أن تلثم قدمي الكاتب حتى يفكر بإدخالك عليه، وأحيانًا لا يكون ذلك ولو في الأحلام.
في الخلاصة يا وزيرة، هذه الكفاءات إنما هي كفاءات مُعطلة أو بطالة مقنعة، وما أسوأ ألا نضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
جئت أحمل الدكتوراه كمن جاء بكأس العالم.
وكأنني ساهز الأرض وليس معي من يتكلم.
أول كفيف يأتي بهذه الشهادة من الموريتانيين.
ولكن لم أجد من يسألني عن إنجازي ولو بعد حين.
وثالثة الأثاثي كما يقال.
سقط القناع وذهب المال ولم يعد لدي إلا أن أصرخ وأقول ما قد لا يقال
أقولها لأني ليس لدي ما أخسره، بل أنا بكلامي أعتز وأفخر. أما غيري من الزملاء فصامتون. تصوري أنني أحيانًا أرسل قصيدة أو قصة، فإذا المنابر تشتعل. أما إذا انتقدت أو تكلمت فالكل في جحره قامع، وبريقه يكاد يغص.
طبعا، مع احترامي للشرفاء من الزملاء الذين كتبوا فأجادوا وأبدعوا وأعْيَوا الإملاء.
والفجر قادم، فلعلك يا مريم، على اسمكِ بين يديكِ “نيدم”.
وفي الحسانية مريم ومريم ومريمات.
كوني إحداهن كما كانت “اماتي” ذات يوم، وفعلت فعلتها التي نحن لها حامدون.

اظهر المزيد