وداعية ولد ابيليل رحمه الله تعالي
لم تكن كلمات الوالي الراحل محمد ولد أبيليل، وهو يهم بمغادرة ولاية لعصابة عام 2003، مجرد عبارات وداع بروتوكولية، بل كانت شهادة رجل خبر المنطقة وأهلها ست سنوات متواصلة، وخرج بانطباع راسخ حين قال يومها وأمام جمع غفير من المودعين ما مفاده:
“أودعكم اليوم، وأعرف أن بعضكم غاضب مني، ومع ذلك أؤكد لكم أن بابي هذا لم يلجه أحدكم يوما يريد مصلحة عامة، بل كانت المطالب كلها شخصية.”
كلمات صادقة، تكشف جانبا من معضلة قديمة، لم تولد مع جيل أبيليل، بل هي جزء من “عرف” اجتماعي وثقافي ظل ملازما لمدينة كيفه وأطرها.
فحين يلتقي الوجهاء والقادة وأطر المدينة بالمسؤولين، نادرا ما يكون الحديث عن مستلزمات المستشفيات، أو وضع الطرق، أو أزمة الماء، أو الكهرباء، أو التهميش المزمن، بل ينحصر في التعيينات الفردية، والمصالح الضيقة، والوساطات الشخصية.
هذا السلوك المتكرر، جيلا بعد جيل، جعل المدينة تدور في حلقة مفرغة؛ فلا مشاريع كبرى تُنجز، ولا مطالب موحدة تُرفع، ولا صوت جماعي يفرض نفسه في دوائر القرار، لتبقى مدينة كيفه أسيرة المصالح الضيقة، وغياب عقلية المبادرات العامة.
لقد رحل محمد ولد أبيليل، لكن شهادته بقيت عالقة في ذاكرة من سمعوها، ووخزة في كل ضمير حي..
محمد الإغاثة أبحيده