بلادنا ضحية ل”صحافتها”

انقسمت الصحافة فى بلادنا باعتبار :
١-تحمل الحكومة لنفقاتها الى :
-صحافة رسمية تتوفر على كافة متطلبات المهنة بما فيها القدرة على الولوج الى مصادر الخبر اجمالا و تفصيلا . و هي منتشرة فى كافة نقاط الوطن بحيث لا تفوتها شاردة و لا واردة . و مع ذلك فهي مقيدة بإملاءات السلطة التنفيذية التي تتبعها اداريا . فمهما كانت مهنية الصحفي الذى يعمل فى وسائل الاعلام الرسمي فليس أمامه إلا التنفيذ الحرفي للأوامر التى تصدرها الرقابة التنفيذية .
-صحافة حرة تتحكم فيها خطوط التحرير التي ترسمها الجهات المشرفة عليها او المسيرة لها .
٢- كما انقسمت باعتبار مهنيتها و موضوعيتها الى :
-صحافة مهنية تحرص على خدمة البلاد من داخل الاطر القانونية التي تحكم مهنة السلطة الرابعة صاحبة الجلالة . و أحسب أن وجودها اصبح مجهريا و قد ندر أصحابها بالفعل و أصبحت صفة الصحفي تسوؤهم و يفضلون القيام بمهامهم مع التخفي المطلق و التكتم الشامل و الحياء من الانتماء للمهنة …
-صحافة سخافة بالفعل تنطبق على منتسبيها كل أوصاف جميع المهن إلا مهنة الصحافة و تكاد تكون الصفة الغالبة و السمة البارزة لأغلب من يدعون الاشتغال بالحقل الصحفي .
و تنقسم الفئة الاخيرة باعتبارات مختلفة فيها المهني و العلمي و العملي …
و من أسباب انتشار هذا الصنف :
١-استناد البعض فى مصادرهم على الصراعات التي تقع داخل المؤسسات مما يمكنهم من توثيق قضايا معينة يريدون من خلال ذلك التوثيق اثبات قدرات مزيفة فى الحقيقة و لا تؤدى إلا لارتهان ناشرها لطرف بعينه مما يفقده مصداقيته و مهنيته .
إن مهنية الصحفي تفرض عليه ان يستقي معلوماته من مصادر محايدة حتى لا يصبح مجرد بوق لطرف ضد طرف .
٢-امتهان البعض لصفة الناطق الرسمي باسم جيهة محددة سواء كانت حكومية أو غيرها و تنشط هذه الفئة فى فترات الحملات -و قد أصبحت الحملات دائمة- و من اساليبها : فلان يتميز فى النشاط الفلاني ؛ و السكان يرتاحون لتعيين علان و قد تكون دعوة صريحة او بواسطة لتعيين زيد او استبعاد عمرو …
و قد سادت هذه الطائفة الى حد تحولت فيه المواقع الصحفية الى مجرد كذب و تغرير بغير المطلعين على حقيقة ما يجري فى الحقل الصحفي بحيث يظنون ان ما يتلقونه من معلومات منشورة فى تلك المواقع يستحق صفة الخبر بينما هو في الحقيقة مجرد روايات تتولي كل جيهة توزيعها حسب أجنداتها الخاصة .
و قد تأكدت من هذه الوضعية خلال تغطيتى لجلسة محاكمة الرئيس المتهم يوم الاربعاء الماضية حيث شهدت بنفسي مدى تحريف الوقائع و تباين الآراء من قضية بعينها ذهب فيها كل حيثما شاء . و هنا اسجل بكل اعتزاز مهنية منصة نسيم حسب مطابقة ما نشرته مع ما حصل بالفعل فى الجلسة التى حضرتها و أنعى علي الكثير من العناوين كذبه الصريح من مثل : ذكر أفراد بعينهم أن المتهم الرئيس نعتهم بأسمائهم بأوصاف محددة و لم تفت علي دقيقة و لا جليلة فى حديثه و لم يحدد من الأشخاص إلا وزيرا اول أو وزير محددا او مدعيا عاما خاطبه باحترام و حرص على نفي تصريحه بأية تسمية محددة .
إخوتي الصحفيين هذا متطفل على الحقل يقر بأن الذى ميع الحقل بالفعل هم المشتغلون به و هم من أفقدوا السلطة الرابعة سطوتها و جعلوها وسيلة للتكسب و نزعوا عنها سطوتها الرادعة فلم يعد أحد يكترث لها فساروا على شاكلة الفساد كغيرهم : فاذا كانت الاحزاب أخلت بمهماتها و عجز النواب عن القيام بمهامهم و تقاعست الحكومات عن القيام بالمسؤوليات المنوطة بها … فإن السبب بكل بساطة يعود الى فساد الحقل الصحفي .
إن بلادنا فى أمس الحاجة الى تصحيح مسار السلطة الرابعة لتعود الي استقلاليتها و مهنيتها بعد أن شمل الفساد كل الميادين و طال كل القطاعات فليس من الممكن تقويم الاوضاع الراهنة و تصحيح وجوه الخلل فيها إلا إذا نهضت مهنة المتاعب من كبوتها و عملت بكل الوسائل لتصبح بالفعل صاحبة الجلالة السلطة الرابعة و الرادعة فهل من مجيب

محمدالمهدي ولد صاليحي

اظهر المزيد