حتى لا يباغتنا المتربصون
ليس سرا نكشفه إذا قلنا إن بلادنا تتناغم جهود أعدائها الخارجيين مع الداخليين لتسييرها وفق إرادتهم بعيدا عن المصلحة الوطنية .
يتخذ أعداء الخارج التمويلات مطية سهلة لفرض أجنداتهم عبر تسويقها و تسويغها من طرف عملائهم فى داخل البلاد . و على رأسهم منظمات المجتمع المدني .
لا يتمارى اثنان اليوم فى أن مراكز التسيير سواء داخل الحكومة أو ضمن الخبراء او المنظمات المدنية أن هؤلاء جميعهم متخرجون من منصات المجتمع المدني التي تم تاسيسها قبل بداية هذا القرن كاسلوب جديد للحكم تم الترويج له عبر شعارات اللامركزية و الحكم الرشيد و اليمقراطية و غيرها من العبارات الطنانة التي وفدت الى أذهان مجتمع بدوي يعيش فى المدن .
فكيف نثق فى وطنية وزير متخرج من ثقافة منصات المجتمع المدني كان يرتزق من بيع دراسات لممولين أجانب يعرف جيدا أنه ليعيش يتحتم عليه البحث عن رضاهم ؟.
و كيف نثق في وزير يشارك فى اجتماع دولي يمثل فيه موريتانيا في حين يستخدم أوراقه الاجنبية فى وثائق سفره ؟.
و كيف نثق فى وزير لا يملك فنيات الخطاب التي تمكنه من ستر عملية ادراجه ضمن لائحة المقترحين للوزارة فى حين لا يصلح لأداء دور بواب ؟.
و هل يستطيع وزير ان يجعلنا نثق فى أهليته لمنصب يستغل أو طلعة فيه لتدلية شعر مقدم رأسه فى محاولة فاشلة لاستعطاف فاسدات عقل و دين خيرهن من تسببت الريح الخارجة من دبرها فى اشتهارها بين فيلق من سقط المتاع و ولدان “من لور” ؟.
لست هنا لتقديم لائحة من نسميهم الشخصيات الاوائل فى بلاد السيبه فأوصافهم محفوظة و مدموغة بأختام الفساد و الشذوذ …
يسير موريتانيا اليوم ممول أجنبي يضع خططه على مقاسه و يمررها عبر ورشات يختار من يحضرون لمناقشتها أولا و للمصادقة عليها ثانيا ليتسلمها فى المرحلة الثالثة و الاخيرة من أوصلهم للحكم بعد أن دربهم عبر مستنقعات الورشات .
و بعد هذا يستشعر سكان موريتانيا الخوف لان حدسهم يجعلهم على يقين أن شيئا غير سليم ينتظرهم دون أن يتمكنوا من تشخيصه و تحديده .
و مع ذلك لا تجدهم يبحثون عن الوقوف على حقيقة ما يخشونه .
لهذا فضلت اعطاءهم صورة موجزة عن الاشياء التي يستشعرون الخوف منها دون معرفتها رغم اننى أنقم منهم سكوتهم و انتظارهم للمجهول .
لست أدعو لنهضة ضد أية جهة . و لكننى استنهض همم الجميع ليعرفوا الاسباب المقنعة لوجود نخبة من النساء و الرجال و الولدان يعملون دائبين على ترويج أمور غير مألوفة فى مجتمعنا يأباها ديننا و تمجها طباعنا و ترفضها أخلاقنا و مع ذلك ينبرون للدعاية لها عبر كافة وسائل الإعلام.
كيف تفسر كل ولاية من ولايات هذا الوطن وجود عصبة داخلها تنبري دون خجل لنشر افكار و قيم و ممارسات قطعا غير مألوفة فى مجتمعهم و لا تدعو الحاجة لها و لا تعود على العامة بنفع و لن تتحقق إلا بهدم بنيات المجتمع القائم …
ما ذا تفيد تنمية بظور النساء و هل تكمن كل مشكلاتهم فى الحفاظ على البظور بارزة و مخجلة ؟. و هل إذا مارسن لعب الكرة مكشوفات الاجساد سينلن رتبا و يكسبن ارزاقا يعيشون منها ؟. و هل فصلهن عن والديهن و عن أولياء أمورهن سيكسبهن سندا يقمن به أودهن ؟…
هل سينجح العمل على التخطيط لتوظيف اوقات ما قبل التمدرس عبر ترسيم الروضات فى إخفاء الحرب العدائية ضد التعليم الاهلي لمنع الصغار من التفرغ للتعلم عبر دراسة القرءان و العقيدة كمحصنات توافق الجميع على ضرورة اتباعها تحصينا للاطفال عن اي غزو عقدي قد يتعرضون له فى المراحل اللاحقة .
إن أشياء خطيرة تحصل فى بلادنا تستدعى منا جميعا مستوى من اليقظة و الانتباه حين يتحققان سيكونا كفيلين بقطع الطريق على جملة من المسلكيات تسبب سكوتنا عليها و عدم انتباهنا لها فى استشرائها و انتشارها انتشار النار فى الهشيم .
إن الانتباه لانتشار عادات غريبة داخل مجتمعنا يكفى لوجود هبة و صحوة جديدتين ستمنعان لا محالة استمرار سير أخلاقنا و قيمنا و مبادئنا إلى هاوية سحيقة يوشك ما لم ننتشله من الوقوع فيها .
مثلا كيف اصبحت تطالعنا صور قادتنا و من وراءهم من دون لحى و يصافح رجالهم و نساؤهم رجالا و نساء لا تربطهم بهم لا صلات نسب و لا شبهات رضاعة ؟. متى أصبح من عاداتنا أن نحلق كل شعر تميز به رجالنا على نسائنا ؟.
إن مثل هذه التطورات و التغيرات حري بجعلنا نفكر فى ما حصل فى بلدنا من تطور حده الاعلى تنمية البظور و حف الشوارب و اللحي فهل ان هذه الامور هي الموانع التى تحول بيننا و بين النماء و الازدهار و الالتحاق بمصاف الدول العظمى او على الأقل تمنع قادة الدول المجاورة لنا من مخاطبتنا كرعايا عندها تلزمنا بخدمة شعوبها التى لا تكتفى بتحقير بلدنا فقط بل تحرق مؤسساته العمومية و تفرض عليه التولي يوم الزحف للرجوع القهقرى من معبر كوكى المحاصر لاستضافة المهجرين من جديد و الاتجاه بهم ناحية هامد لترحيلهم عبره بعد ان صدونا عن ترحيلهم عبر معبر كوكي .
لقد حشرنا المجتمع المدني فى عنق زجاجة لن نخرج منها إلا من خلال معبرين اثنين مجتمعين :
أولهما قضاء مستقل يحكم بشرع الله تعالى و ينفذ الأحكام التى يصدرها دون تاخير .
و ثانيها تحرير المجالين السمعى و البصري بشكل يمنح صاحبة الجلالة حقوقها كاملة فى أداء دورها الرقابي .
لقد استشرى الفساد لسببين اثنين لن تتم السيطرة عليه الا بزوالهما : فما دام الفاسدون يرون منع صاحبة الجلالة من الوصول الى مصادر الاخبار و ما داموا يشاهدون نشر تقارير موثقة تكشف فسادا لا تتم مساءلة من قاموا به فلن يخشوا ارتكاب الفساد . و ما داموا يعرفون أنهم لن تتم محاكمتهم أمام قضاء مستقل متمكن قادر على تنفيذ ما يصدره من أحكام ، فانهم سيظلون يحتمون بمبادرات و صور و اجتماعات للضحك على الذقون ترفع شعارات مثل أصدقاء غزوانى فى الوقت الذى يحتلون أماكن عمومية يمارسون فيها أنشطتهم المشبوهة فى الوقت الذى تتم فيه ملاحقة المستضعفين فى الارض و منعهم من مزاولة انشطة يعيشون من ريعها مقابل إخلاء أماكن تواجدهم لصالح توقيف السيارات و تفريغها .
حين تمارس السلطة الرابعة عملها بحرية كاملة ستتمكن من كشف مخازن المال العام و من يقوم عليها ومن يتشدقون بالموالاة و يمارسون المعارضة المدمرة أيا كانت وظائفهم و حينها لن يبقى أمام السلطات العليا للبلد سوي الخدمة العمومية الشريفة و إعلان البراءة التامة و القطيعة المطلقة مع كل الذين يمارسون الفساد حتى ينجوا برؤوسهم قبل أن تطالها لعنةالفساد …
إن صراعا خطيرا يحتدم الان فى بلادنا بين المفسدين لن يجتمعوا قطعا على تحميل المستضعفين فى الارض المسؤولية عنه لأنهم ببساطة عاجزون عن إخفاء مرتكبيه و لكنهم بالمقابل سيعملون على البحث له عن كباش فداء فمن أولى بالنجاة بنفسه ؟.
خيارا المفسدين أحلاهما مر : فإما ان يضحوا بالمحيطين بهم أو يذهب الكل الى الجحيم غير مأسوف عليهم فى يوم يود المجرم لو يفتدى منه بأمه و ابيه و بصاحبته و ببنيه و بمن فى الارض جميعا ثم ينجيه …
محمد المهدي صاليحي