تختلف جثامين المواطنين

جثمان العقيد الشريف بن محمد الأمين الشريف المختار… لماذا تُهين الدولة أبناءها وتكرّم السياسيين فقط؟**
منذ شهر رمضان وجثمان العقيد الشريف بن محمد الأمين الشريف المختار — ابن الجيش الوطني، والرجل الذي خدم هذا الوطن ببدنه وروحه — ما يزال محتجزًا في إسبانيا، ينتظر يد الدولة التي أقسمت على ألا تتخلى عن أبناء مؤسستها العسكرية، فإذا بها تتخلى عنه في أكثر أيامه ضعفًا… وهو ميت!
ثمانية أشهر كاملة والأسرة تستغيث… ولا مجيب.
ثمانية أشهر والوجع يزداد، ولا مسؤول كلف نفسه حتى عناء الرد.
ثمانية أشهر والرجل الذي حمل السلاح والنياشين، ووقف دفاعًا عن حدود الوطن، يُترك وحيدًا في ثلاجة الموتى، بلا كرامة، بلا التفاتة، بلا دولة.
ثم اليوم…
نقرأ عن بدء التحضير لنقل جثمان الخليل ولد الطيب — السياسي المعروف ونائب رئيس حزب الإنصاف — من إسبانيا إلى موريتانيا، وتتحرك السفيرة، وتتحرك البعثة الدبلوماسية، وتُفتح الأبواب المغلقة بسبب عطلة نهاية الأسبوع، وتبدأ الإجراءات فورًا، وتُطرح كل الخيارات:
طائرة خاصة؟
رحلة مباشرة من بامبلونا إلى نواكشوط؟
تدخل جهات متعددة لتسريع النقل؟
كل شيء ممكن… إذا كان المتوفى سياسيًا.
أما العقيد الشريف بن محمد الأمين الشريف المختار؟
أما العسكري الشريف؟
أما الرجل الذي لا حزب له، ولا نفوذ سياسي، ولا لوبي إعلامي؟
فليُترك في أوروبا شهورًا… وكأن كرامته معلّقة بقرار سياسي!
هذا ليس تأخرًا إداريًا…
هذا تمييز فاضح و إهانة مؤلمة لأسرة العقيد، ولرفاقه في المؤسسة العسكرية، وللجيش الوطني نفسه، الذي يُهان أحد رجاله هكذا، بعد أن ظل عمره كله يخدم تحت رايته.
لماذا تتحرك الدولة هنا وتتجمد هناك؟
لماذا يُعامل السياسي كأنه مواطن درجة أولى… بينما العسكري مواطن درجة خامسة؟
هل أصبحت كرامة الموريتاني تقاس بالانتماء الحزبي؟
هل أصبحت حقوق الموتى تُمنح بحسب الوزن السياسي؟
إن ما يجري غير مقبول، وغير مفهوم، وغير إنساني.
ونطالب — وبصوت عالٍ — بأن تتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة:
نقل جثمان العقيد الشريف بن محمد الأمين الشريف المختار فورًا، دون تأخير، وبذات السرعة والاحترام والتسهيلات التي تُمنح للسياسيين.
هذا حقٌ لا يُساوَم عليه…
وهذه كرامة إنسان لا يجوز أن تصبح حكرًا على أصحاب النفوذ.
رحم الله العقيد الشريف بن محمد الأمين الشريف المختار،
ورحم الله الخليل ولد الطيب،
لكن العدل لا يجوز أن يكون انتقائيًا، ولا أن يصبح للموتى مراتب.
متداول