تضامنا مع اخوتنا في غزة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
تضامنا مع إخوتنا في غزة، حان الوقت لنقول للأنظمة العربية والإسلامية، كفى غرورا، بما تقوله أمريكا فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين وفي غزة الأبية على الخصوص، غزة الصمود، غزة المجاهدة- بالنفس والنفيس- فرض كفاية عن الأمة، عن كل مسلم في إنحاء العالم.
حكامنا الأفاضل، ألم تأخذوا العبرة من النظام الأمريكي!!؟ الم تكونوا تعولون على مواقف الديمقراطيين من”القضية” أكثر من الجمهوريين؟ ما الذي تغير، ألم يكونا وجهين لعملة واحدة!!؟ ألم يظهر بايدن ووزيره يهوديان في أحضان إسرائيل، ألم يظهرا أكثر تطرفا من أي جمهوري في أمريكا؟
ما ذا تنتظرونه من أمريكا فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي مع ما تقدمه أمريكا من دعم عسكري، مادي ومعنوي لإسرائيل في احتلالها لفلسطين وفي الإبادة الجماعية التي تقوم بها في غزة اليوم!!؟
ألا ينبغي أن تنظروا بعين الشفقة والعاطفة -على الأقل- بالطريقة التي تعامل بها الأمريكيون مع إسرائيل في تعاملكم لإخوانكم في غزة؟
أيها الحكام، هل انتم واعون بواقع غزة المؤلم؟: ما تنقله وسائل الإعلام عن عما يجري من إبادة في غزة؟ ألا تألمون؟
ألا تستنكرون “بإرادة الفعل” أن تكون أمريكا التي تراودكم للتطبيع من حين لآخر وتستقبلونها بقلب رحب، هي التي تمول كل ما تقوم به إسرائيل من قتل وهدم وتشريد وإبادة في غزة؟ وأنها وبدون خجل تحاول إقناعكم بأنها تقوم بذلك تحت “يافطة الإنسانية” التي تعني –عندها- “حق إسرائيل – وحقها فقط وحدها – في الدفاع عن نفسها”، مهما كلف ذلك من ثمن؟ لأنها في نظر أمريكان هي التي تستحق الحياة في هذا العالم!!؟. أليس منكم رجل رشيد!!؟ أو سفيه؟ “ذل من لا سفيه له”، ليقول “كلمة حق” بلغة إسرائيل وأمريكا التي لا تعرف معني للقيم ولا للإنسانية!!
نقدر أن الضعف أو الوهن الذي أصابكم أمام جبروت دولة الاحتلال وحليفتها أمريكا وأذيالهما في المنطقة ليس استثناء، لقد استمرت أمريكا في دعمها المطلق وبدون خجل لإسرائيل في الإبادة الجماعية لشعب غزة في تحد سافر للقوانين الدولية والحقوقية الموقعة عليها والتي يفترض أنها تحكم العالم وتحرص على حق الإنسان في الحياة.
وليس غريبا أن يقف بايدن هذا الموقف في هذه الأيام. فهو يخوض انتخابات رئاسية يعول كثيرا على صوت اللوبي اليهودي في تمويلها. مما يبرر هذه الإنسانية المفرطة تجاه إسرائيل في حق الدفاع عن نفسها ولو بإبادة كل الشعب الفلسطيني.
إنه تعاطف إنساني مشروع لمن يتلذذ بتأتيم أطفال غزة ويتسلى بإبإدة الفلسطينيين!!
أليست الإنسانية والعاطفة مشتركان، نفسيان، إنسانيان، يمكن لكل توظيفهما في الوقت المناسب وللغرض الذي تقتضيه الضرورة؟؛ كيف نفهم الإنسانية التي بموجبها تدعم أمريكا إسرائيل في إبادة الفلسطينيين!!؟ ألا تقتضي هذه الإبادة الجماعية- التي تقوم بها إسرائيل بأسلحة أمريكا وبتمويل من أذيالها في منطقتنا- أن تدفع حكام العرب والمسلمين للتعبير عن إنسانيتهم أمام هذه الفاجعة الأليمة؛ وأن يتحركوا فعليا بالدعم العسكري والمادي لصالح الفلسطينين، كما فعلت سيدة العالم أمريكا دفاعا عن ربيبتها إسرائيل!!؟ أليس هذا حق واجب عليكم من باب المعاملة بالمثل، وحبذا لو كانت تلك المعاملة من المسافة صفر.
كيف تقبلون أن يكون للآخر شعور بالألم والفرح؟؛ وتقتلون هذا الشعور في أنفسكم. لا يمكن التجرد من العواطف: آلاما وأفراحا؟
هاهي أمريكا التي بدأت تشعر بهزيمة قريبة لإسرائيل، في حربها على غزة مستعجلة من أمرها، من خلال جولة وزير خارجيتها بلينكن، لبعض الدول العربية التي سبق أن أعطت التزامها بالتطبيع مع إسرائيل وتبدو متذبذبة في موقفها منذ الحرب على غزة يستنجد هذه الدول التي تحفظت آو بصدد تغيير موقفها حول التطبيع أن تعيد النظر في موقفها، صيانة لماء وجه إسرائيل. لقد أكد ابليكن في تصريحاته الأخيرة، “أن إسرائيل إذا لم تغير سياستها في المنطقة ستخسر الحرب على غزة وستخسر مكانتها في العالم بسبب الإبادة الجماعية التي تقوم بها وستبقى عالقة في وحل غزة “كما عبر في تصريح جديد انه في حال قبل نتنياه المفاوضات فانه سيضمن له تحقيق بعض الأهداف ومنها تحقيق التطبيع مع بعض الدول العربية؛ تعويضا عن الهزيمة التي مني بها في غزة وفي إسرائيل نفسها وحول العالم. وسيبقى “رهينة في وحل غزة “كما قال ابلينكن”
رغم خمسة أشهر من الحرب والتقارير الكاذبة من إسرائيل عن هزيمة حماس وتصديق أمريكا لكل صغيرة وكبيرة تصدر عنها، فان إسرائيل بشهادة الاسرائليين والامريكين وحلفائهما لم تحقق أي هدف من أهدافها المعلنة. ورغم كون أمريكا تلعب دور “السارق الذي يشارك في البحث عن السراق” من خلال كونها هي الممول الرئيسي عسكريا وسياسيا باستمرار لإسرائيل وتدعمها معنويا من خلال تصريح رئيسها بايدن ووزير خارجيتها ابليكن عن يهوديتهما وقولة بايدن مناصرة لإسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر: “لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها” وهو فعلا يؤكد إعادة وجودها من خلال هذا الدعم العسكري والسياسي اللامشروط.
هذا في الوقت الذي تتظاهر -كذبا على أنظمتنا- بالسعي لوقف هذه الحرب على غزة والعمل على قيام سلام دائم في الوقت الذي طائراتها وقنابلها تبيد الفلسطينيين المدنيين.
من يصدق أي دور سلمي لأمريكا في المنطقة بعد التدخل العسكري المفضوح بالسلاح والدعم السياسي الذي لا يعبأ بأي قيم أخلاقية أو قانونية أو دينية؟
أي سلام يمكن لأمريكا أن تتحدث عنه!!؟ هذا السلام الذي ليس سوى تكرارا للأهداف العسكرية للحرب الإسرائيلية، عند بايدن وابلينكن، هذه الأهداف التي تعني: تفكيك حماس والقضاء عليها واستعادة الرهائن؛ وهي أهداف لازالت إسرائيل وحليفتها أمريكا وأذيالهما في المنطقة عاجزين عن تحقيقها حتى الآن وليس في الأفق ما يضمن ذلك سوى المفاوضات، حسب ما تمليه المقاومة الصادقة؛ التي برهنت خمسة أشهر من الحرب على مصداقية ودقة ما يصدر عنها.من تقارير عن هذه المعارك رغم الصعوبات التي تواجهها.
ما ذا تنتظرون من أمريكا ودعايتها المكشوفة، بالسعي لقيام سلام في غزة، سلام لا يعدو كونه محاولة فاشلة لذر الرماد في العيون كما هو الحال بالنسبة لإدخال المواد الغذائية لتمكين إسرائيل من مواصلة إجرامها المتواصل على مختلف الأصعدة في غزة.
هنيئا للشعوب التي نددت وعبرت من خلال المظاهرات عبر العالم عن شجب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة وواحسرتنا على الأجهزة الدولية (مجلس الأمن، حقوق الإنسان والقانون الدولي…) التي جعلتها أمريكا مجرد سطور على الورق أو خطب مجردة لا علاقة لها بواقع الحياة.
لقد اثبتت إسرائيل تحت الرعاية الأمريكية انه لا وجود لقرارات تصدر عن مجلس الأمن ولا الجنايات دولية ولا عن حقوق الإنسان أو الأمم المتحدة لان هذه الهيئات لا تملك قرارها أمام الفيتو: “قانون الغاب الجديد”
وقد صدق الشاعر أحمدو ولد عبد القادر شفاه الله في وصف مجلس الأمن في قصيدته التي مطلعا:
حكم العنف أيها الإنسان
إنما السلم خدعة وهوان …
مجلس الأمن خدعة والأماني
حول جدواه هدها الخسران
أرضه غابة النمور وليس الع
دل في مسرح السباع يصان…
حطمي اليأس بالنضال وثوري
في مسار قوامه الشجعان
لا يرد الحقوق إلا نجيع
يلالا كأنه الأرجوان.
بلاهي البخاري/ باحث اجتماعي
السبت 23 /مارس /2024