بعد هدوء العاصفة/سيدي علي بلعمش

الخوارق موجودة و لها في الماضي القريب و البعيد قصص لا تنتهي.

و الغباء موجود و ستظل قصة هروب جماعة سجن السلفيين الأخيرة و التي قبلها من أهم أمثلته ، تماما مثل بيان تواصل “شديد اللهجة”، دفعا لاتهام هم من ذكرونا بتاريخ أسبابه ..

يخطئ من يعتقد أن القاعدة يجمعها فكر أو تفرقها مبادئ غير غواية القتل و الجهل باستباحة دم ضحاياه..

كل تقارير الباحثين المستقلين و مراكز البحث العلمي البعيدة عن السياسة و العمالة ، تتفق اليوم مع ما تؤكده كل التقارير الاستخباراتية باختلاف مشاربها و مصالحها و توجهاتها ، على أن كل شعارات القتل الهمجي المشوهة للإسلام (القاعدة، الجهادية، السلفية، داعش، بوكو حرام …) ، كلها تابعة للإخوان المسلمين و أن الإخوان أكبر جريمة في حق الإسلام من صنع المخابرات البريطانية و الأمريكية.

و صحيح أن جل المنخرطين في فرق الموت الهمجي المشوهة للإسلام ، مغرر بهم ، لا يعرفون أي شيء لا عن علاقتهم بالإخوان و لا عن علاقة الإخوان بغيرهم ..

إن جهل هؤلاء بكل ما يحتاجونه ليكونوا مجاهدين ، هو ما يفتح لهم سوق القتل على مصراعيه : قتل الكفار و تكفير المسلمين من أجل قتلهم.

قتل الكفار لتشويه الإسلام .
و تكفير أصحاب الملة لتشويه المسلمين.

لهذا و ذاك ، كل عمل بطولي ناجح يكون من صنع القاعدة و تفكيرها و تخطيطها و رعاية الله لمجاهديها البواسل الموعودين من الرب بإحدى الحسنيين ، مثل المجاهد العظيم و بارون المخدرات عمر الصحراوي و الفاتح العظيم الذي لم يقتل في حياته غير مسلم بريء ، بن لعور و غيرهم من مغاوير المذهب الإسلامي البريطاني الذي أباح فيه القرضاوي و جماعته دم القذافي لـ”بيرنار ليفي” و احتلال سوريا و العراق لحلف الناتو.
أما كل عمل فاشل مثل هروب السالك ولد الشيخ و جماعته من السجن فهو عمل مسكوت عنه و الله وحده حسبهم فيه..

القاعدة لا تتبنى و لا تخطط و لا تشارك في غير العمليات الانتقامية الناجحة المرتبطة بسمعة “أمرائها”.

لهذا ، لا تتبنى القاعدة و لا تنزع رعايتها لأي عمل إرهابي إلا بعد انتهاء معركته و تصنيف حصيلته. و محاولة الهروب الأخيرة بالنسبة لهم عمل معزول و تصرف فردي تُعجبهم شجاعته و تؤسفهم سذاجة تخطيطه . أي أنه عمل لا يمكن تبنيه.

لو كانت القاعدة هي من خططت لهذا العمل، كما يحاول أن يقنعنا من يتمنون أن تدخل موريتانيا في حرب مفتوحة معها لا تخدمنا في شيء و لن نتأخر عن مواجهتها لحظة إذا فرضت علينا ، لكان التخطيط لخروجهم الذي توفرت له كل وسائله المادية ، يتسم ببعض اللمسات الذكية :

حتى أجهزة الأمن المحلية أربكها هذا الغباء حين وجدت نفسها أمام مخطط طفولي لا يمكن تصديقه.

لو كانت القاعدة هي من خططت لهذا العمل ، لكان بقيادة ولد السمان و مشاركة بقية عناصرها في نفس السجن..

لو كانت القاعدة هي من خططت لهذا العمل ، لكانت عملية التخطيط أذكى ، من خلال عمليات تمويه في نواكشوط أو على الحدود ..

لو كانت القاعدة هي من خططت لهذا العمل ، لكانت المخابرات الموريتانية و الجزائرية أول من يعلم عنه..

هذه العملية كان يخطط لها منذ عدة أشهر كما يظهر من كل حيثياتها و كان الغرض منها محليا : ربما كانت محاولة ربط الحدث “محليا” بتصريحات الرئيس غزواني للبي بي سي ، هو ما عجَّل تنفيذ العملية قبل استكمال مخططها لأسباب محلية جدا ، لتكون (إذا نجحت) ، قابلة لتبني القاعدة لها و لو بالسكوت . و هذا ما لن تسكت عنه موريتانيا . و تعرف القاعدة جيدا أن مواجهة الجيش الموريتاني ليست نزهة ممتعة .
و بهذا (إذا نجحت) ، تكون الأطراف المحلية التي ستظهر حقيقتها قريبا ، قد نجحت فعلا في جرنا إلى حرب لا تعنينا في شيء.

و الحالة الموريتانية ليست سرية و لا مبهمة : ليس من مصلحة القاعدة استهدافنا و ليس من مصلحتنا استهدافها .. هذه المواجهة ليست معركتنا و لا قضيتنا و لا تخدم مصالحنا في شيء . و معاقبة مثل هذه الحالات العارضة ، ستظل مستمرة من دون اتهام أي جهة لا تتبناها بوضوح.

كل من تلاحقهم أجهزة الأمن اليوم ، سيسقطون حتما لأنه من الواضح أنه عمل محلي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في وجه انتخابات ستؤدي (إذا مرت بنجاح) ، إلى قطيعة مع ماض ، سيجرف كثيرين إلى قاع مأساة إجرامهم.
و حتى انجلاء كل الحقيقة ، سنظل في انتظار إشارات أصابع الاتهام الأخيرة.

اظهر المزيد