لا يختلف اثنان اليوم ، أن صورة الرئيس غزواني أصبحت باهتة حد التلاشي مع بالغ الأسف ، لا زهدا في الحكم بكل تأكيد و لا عدم اكتراث بما سيحدث بعد انتهاء مأموريته الصعبة (مرعبة الفساد و الفوضى) و إنما يتضح الآن بما لا يدع مجالا للشك ، أن الرجل يعيش في الغاز دهاليز وهمِ مغالطات و سوء تقديرات ، أكبر من قدرة أي عبقري على التحليل ..
و من الواضح للجميع اليوم ، أن الرئيس لا يمكن أن يكون على اضطلاع كافي بما يختمر في البلد حد التعفن ، من أمور لم تعد تحتمل المزيد ، بسبب اتساع رقعة الزيت و تشعب اتجاهاتها :
ـ لجان تفتيش في كل إدارة ..
لجان تفتيش في كل وزارة ..
ـ لجان تفتيش وزارة المالية ..
ـ لجان المفتشية العامة للدولة ..
ـ لجان تفتيش محكمة الحسابات ..
و اليوم يتم تأسيس لجنة محاربة الفساد !!
و غدا لجنة مكافحة فساد لجنة مكافحة الفساد!؟
ـ متى يتجمد الماء في موريتانيا !؟
ـ على من تضحكون !؟
ـ متى تخجلون !؟
إلى متى تعيش هذه الكتائب العبثية بكل معداتها الثقيلة على كاهل الشعب من دون أي فائدة !؟
من يعرف طبيعة النظام الموريتاني و آليات الحكم فيه ، يدرك حتما أن أي إصلاح جاد لا يمكن أن يحصل إلا على يد رئيس قوي يتابع كل كبيرة و صغيرة بنفسه و يصر على تعقب كل مفسد حتى ينال جزاءه .
# أسوأ ما في الأمر اليوم ، محاولة البعض تبرير استمرار المفسدين بمنطق مقولة “استمرارية الدولة”!!
فأين الدولة و بأي اتجاه تستمر و ما الفرق بين مفسد و نفسه في عشرية كانت أو عشرينية !؟
ما يحدث الآن هو فساد سياسي يتجاوز الفساد المالي للتغطية على بشاعة المفسدين :
كان اللص ولد عبد العزيز يخطط لإحدى نتيجتين ؛ إما البقاء في السلطة و إما تقسيم البلد إلى أجزاء لمحو آثار فساده .
و لا شك أن ولد عبد العزيز كان له شركاء و أتباع يتقاسمون معه المخاوف و الأطماع و الأفكار ، ما زالوا في مواقع النفوذ و القرار و ما زال يطاردهم شبح الخوف من المحاسبة و تغريهم نفس الأطماع !!
فلماذا لا تطاردنا نحن نفس المخاوف بما يكفي لنقول اليوم لولد الغزواني بأعلى أصواتنا ، لا ، لا ، لا ، ما عاد بإمكاننا السكوت على ما يحدث !؟
سأقول كاذبا ، أنني لا أعرف ما يفكر فيه الرئيس غزواني اليوم ، لأنه يكفيني و “الحال هذه” ، أن أؤكد أن رئيس موريتانيا القادم سيكون هذه المرة من يريده الشعب أو من يفرض نفسه ، لا من يريده الرئيس . و في هذا ما قد يسرنا لكن ما يخيفنا فيه أكثر !!
ـ الصراعات داخل المؤسسة العسكرية و الأمنية ينقلها (بما يشبه النقل الحي المباشر) فريق بنت البرناوي القابع في أعلى أروقة النظام ، بالتفاصيل المخجلة ، على صفحة ولد اكماش !؟
ـ تفاصيل الصراع بين الوزراء و الجنرالات و كمائن مكر بعضهم للبعض ، أصبح ملهاة يتندر بسخريتها الجميع !!
ـ ما يدور في الاجتماعات الأمنية السرية ، ينشر بالتفاضل على صفحات الشغب الابتزازي !!
أي نظام هذا !؟
أي ابتلاء هذا !؟
أي سخرية لا يخجلها الخجل !؟
على الرئيس غزواني اليوم أن يختار بين حكومة ناقصة الشرعية و الأهلية و الثقة و الكفاءة و الجاذبية و بين شعب منهك منحه أصواته ليخرجه من مآسي عشرية هو من يصر على التمسك بأستمرارها على أيادي أبطالها !!!
ـ هذه ليست حكومة سياسية ..
ـ ليست حكومة تكنوقراطية ..
ـ ليست حكومة انتخابات ..
ـ ليست حكومة خبراء ..
ـ ليست حتى حكومة تصريف أعمال بل حكومة صرف أموال ..
هذه حكومة أزمة و ليست حكومة إنقاذ ..
هذه حكومة استسلام لأمر الواقع و ليست حكومة برنامج استشرافي ..
هذه حكومة تخبط و ليست حكومة رؤية ..
هذه حكومة إفلاس و ليست حكومة إقلاع ..
أي وزراء هؤلاء يا رئيس ، أي سفراء ، أي أمناء عامون ؛ هذه حثالة إدارة ولد عبد العزيز زائد حثالة حثالته ..
على فخامة الرئيس غزواني أن يفهم أننا نفهم كل شيء و نعرف كل شيء و نرى بعدسات تليسكوب هابل كل ما يحدث و نعي بوضوح كل تفاصيل نهايته المؤسفة !!
لا حل اليوم يا فخامة الرئيس من دون حل عقدة الفساد و حل حكومة الفساد : إن ما تراه اليوم ، حسب الترتيبات على الأرض ، حلا واعدا للخروج الآمن ، هو العقبة الأكيدة في وجه أي حل . و ليست تلك مشكلتكم وحدكم ، حين ترمي الفوضى بما في جعبتها !!
و من مساوئ فوضى اللص عزيز المستمرة، أن أصبحت الحكومة تقال لكبار التجار النافذين و الأقارب المقربين ، قبل الوزراء و السفراء و الخبراء .. و أصبح الرأي للموالين لا للعارفين .. و أصبح البرنامج غير المعلن لحكومة “التوجيهات النيرة لفخامة الرئيس” مجرد فكرة تَحَكُّم ارتجالية يقدمها هذا أو ذاك ، لا برنامج الرئيس الذي انتخبه الشعب على أساسه (و لو في الحد الأدنى للتمثيل المسرحي) ..
لم يعد للدولة أي سر ..
لم يعد للدولة أي احترام..
لم تعد للدولة أي هيبة ..
لم تعد للدولة أي أُبَّهة ..
ما يحدث في هذا البلد أصبح أكبر من كل العبارات و التوقعات و المجاملات و المهاترات : متى كانت محاربة الفساد تتم بتبجيل المفسدين !؟
متى كان الاستسلام لأمر الواقع عبقرية لا تطال ، في غير موريتانيا العجائب !؟
بماذا نعيب “العشرية” غير ما تتباهى به أختها “الاستمرارية” اليوم !؟
و كأنهم لم يكونوا هنا أو سقطوا لتوهم من كوكب آخر و إمعانا في احتقارنا و ازدرائنا ، هاهم وزراؤكم ، يجوبون البلاد طولا و عرضا لتحديد أولويات شعب يصرخ بإجماع أن التخلص منهم هي ما يجب أن تكون أولوية أولويات الرئيس !!
أريد في هذه الرسالة أن أؤكد للجميع (أقول جازما “للجميع”) ، أن رئيس موريتانيا القادم ، ما زال حتى هذه اللحظة ، خارج كل التوقعات و التكهنات و أن كل ما تُلوِّح به النخب الفاسدة من احتمالات ، مجرد أماني كاذبة تماما مثل أحلام بيرام . و أن المأمورية القادمة ، ستكون مأمورية محاسبات ، لن ينجو من عدالتها أي فاسد .
و حين نتذكر ما فعلته في اليمن و ليبيا و السودان و سوريا و غزة ، يكون من أقل حقنا و واجبنا المقدس ، أن نصرخ بأعلى أصواتنا ، لا للأجندة الشيطانية الإماراتية المتربصة بنا منذ توليكم كرسي الحكم ، فلا ترغمونا فخامة الرئيس على مواجهة لا تخدم غير ما نتحاشى الانزلاق في شبهاته !!
لا أقولها تهديدا و لا ابتزازا و إنما تفاديا للتنصل من عهد قطعته على نفسي بأن لا أعارض نظامكم ، أطاعن الواجب المقدس أن لا يملي حتمية التحلل من إثمه ..