*تعزية*
قال تعالى : “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”.
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقيت للتو ببالغ الحزن و الأسى نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الزميل المرحوم **سيدأحمد ولد مولود**.
وبهذه المناسبة الأليمة ، أصالة عن نفسي ونيابة عن كافة الشناقطة أتقدم بأحر التعازى والمواساة إلى أسرة فقيد الكلمة فقيد الحرية و المسؤولية و التضحية و خدمة المسنضعفين فى الارض . و أسال الله تعالى لنا ولهم الصبر والسلوان ، و للفقيد الرحمة و الغفران. “و إنا لله و إنا إليه راجعون”.
لقيت الرجل ذات مساء فى حي التحرير فى تونس العاصمة مرافقا لوالده رحمهما الله . فما تردد أي منا فى اتخاذ الآخر خليلا و صديقا كانت مسافات الزمان و المكان تفصل بينهما لتتنحيا أمام الرغبة الجامحة فى العمل المشترك في مجال الإعلام للنهوض بواقعه الذى أخنت عليه البشمركة و المرتزقة .
عملنا سويا فى موقعه وكالة صحفي و شعارنا “نتحرى الصدق” فكان رحمه الله شغوفا بما أكتب من تحقيقات استقصائية يدرجها دائما فى خانة خبر خمسة نجوم .
و مما أعجبنى فيه رحمه الله انه طوال عملنا لم يقبل تلقي اية منافع مادية من أي كان . و قد حدثني قبل أيام أن إحدي شركات الإتصال راودته على إتمام إجراءات معينة ليدفعوا له عونا ماديا مقابل إشهارات تقوم بها صحيفته فاعتذر عن النشر فلم يكن يظنه حصل و بالتالي فلا ضرورة لمكافأة على نشر حصل بالخطإ . و ذلك رغم ظروفه المادية و الصحية …
و قد يتصل به -بصفته المدير الناشر لوكالة صحفي- بعض من يعترضون على بعض المواد المنشورة او أحد الناشرين فكان رحمه الله يكتفي بتمكين الشاكي من نشر رده اما الناشرون فجوابه الدائم هؤلاء مسؤولون عن أنفسهم ليسوا عبيدا عندى و لا حتى عمالا إنهم زملاء ليس إلا …
ظل طيلة حياته جنديا مجهولا ينفق مالديه من وقت و مال و فكر و جهد على حاجات غيره تاركا لنفسه المعاناة و لأهله المشقة و لفلذة كبده تعلم الصبر و البذل من أجل غد أفضل .
حين دخلت فى صراعات مريرة مع المنشور عنهم و تأكدت من حجم المعاناة التي يعانيها من شكاويهم قررت إنشاء وكالة صحفي ميل ميل الاستقصائية لأبعد رجلا ضميره بمثابة جيش بكامله عن معارك لم تعد صحته تسمح بها .
لقد أدركت الرجل شهيدا حيا يمشي على الأرض و هو في الحقيقة جنازة أودي بها النضال و التضحيات نضال و تضحيات شخص عاش و مات فى وسط نضالي لا يمل و لا يكل دون أن يستطيع أحد كشف حقيقته …
سيدأحمد ولد مولود رحمه الله كان أمة .
كان عفيف اللسان عفيف الكف عفيف الفرج شغله بلده عن نفسه …
لا أستطيع إلا أن أخلط التعزية بشيء من التأبين نظرا لثقل الخبر علي و لا أعظم على الله شيئا و لا أقول إلا ما يرضي الله .
اللهم اغفر له و ارحمه و اعف عنه و عافه و تجاوز عن سيئاته و أبدله دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهله و وسع مدخله و أكرم نزله و اغسله بالماء و الثلج و البرد و نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم أجره من فتنة القبر و عذابه، و ثبته عند السؤال، و اجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم ارض عنه رضى لاسخط بعده.
اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده و اغفر لنا وله . اللهم اجمعنا وإياه في عليين في جوار سيد المرسلين مع الذين انعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم أرحم السلف و بارك فى الخلف . و إنا لله وإنا إليه راجعون .
محمد المهدي صاليحي .