بعد أيام تشاورية ، شاركت فيها أهم نخبة البلد و طوفان مربك من غوغائها ، أفضت (في 25 يونيو 2006) ، إلى استفتاء على تعديلات على دستور 1991 ، شملت المواد (26 و 27 و 28 و 29 و 99 و المواد 102 و 103 و 104) ؛ نصت فيه المادة 26 على تحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات، وعلى أن لا يتجاوز عمره 65 عاما. وتحظر عليه (الرئيس) المادة 27 الانتماء إلى أي حزب سياسي. و جاء في المادة 28 على أن الرئيس لا يمكنه أن يتولى أكثر من ولايتين . وتفرض المادة 29 على الرئيس المنتخب قسما يحظر عليه بموجبه تعديل أو مراجعة المواد المتعلقة بفترة مأموريته ، *كنا نعتقد* أننا أمَّنا مستقبل البلد السياسي بوضع كل العراقيل الممكنة لأي انحراف و أي تحكم في مسار أي انتخابات قادمة .
# بعد 18 سنة من هذا الانتصار الوهمي ، نكتشف اليوم أن كل ما قمنا به ، إما كان سلبيا و إما كان عبثيا :
المادة 27 التي تمنع رئيس الجمهورية من الانتماء لأي حزب ، ألغاها عزيز الذي يقول ولد الشدو إنه غير مسؤول عن أفعاله . و ألغى ابن دارومستي بفعل الممارسة ، البند الثاني من المادة 26 التي تفرض أن يكون المترشح للرئاسة في البلد ، *مولودا موريتانيا* ، مبررا جريمته بأبشع منها (تزوير شهادة ميلاده ، مدعيا أنه مولود في أگجوجت) .. و كما ألغى كل مواد الدستور باستفتاء المادة 38 (غير الشرعي) ، الذي خرج على الجمهور قبل إعلان نتائجه (في مهرجانه الأخير في المطار القديم) ، بصرخته المشهورة “حلينا مجلس الشيوخ .. حلينا مجلس الشيوخ” (قبل ظهور نتائج الاستفتاء) و هو أمر يجب أن يكتب بدم بطلان استفتاء المادة 38 و بطلان كل الدستور المنبثق عنها (دستور 2017) !!
بعد 18 سنة من حوار 2006 ، نكتشف أن كل ما اعتبرناه انتصارا تاريخيا ، كان وهما كبيرا ، لم يغير غير ما كانت عقولنا تحتاجه لصناعة أي تغيير :
حتى المادة 28 التي تمنع الرئيس من الترشح لأكثر من مأموريتين و المادة 29 التي تفرض عليه قسما بعدم تعديل أو مراجعة المواد المتعلقة بفترة مأموريته ، نكتشف اليوم أنها كانت كاملة السلبية : فلا هي ساهمت بأي وجه من محتواها في تكريس اختيار الشعب في حين تحرمنا (إذا أنعمت علينا الأقدار برئيس جيد) ، من استمراره في الحكم ، تماما مثل البند الثاني من المادة 26 التي تمنع البلد من نصيبه من الحكمة و الخبرة بفرض أن لا يتجاوز عمر المترشح للرئاسة 65 سنة (أي منتصف العمر) و هي جريمة في حق البلد (مثل تقاعد القائد العام للجيوش و المدير العام للأمن و قادة الجيش و الحرس و الدرك و محافظ البنك المركزي ، على خلفية قوانين الوظيفة العمومية الغبية) ، أعتذر شخصيا عن المساهمة في تثبيتها ، كما أعتذر عن طرح المادتين 28 و 29 و الدفاع عنهما باستماتة ، في تلك الأيام التشاورية ..
# كل الدستور الموريتاني اليوم لاغي ، بسبب ما أدخل عليه عزيز من تعديلات خارج القانون ، على خلفية المادة 38 المخجلة التي يجب اليوم معاقبة كل من ساعدوا عزيز على اعتمادها لحل مجلس الشيوخ و الاعتداء على أقدس مقدسات بلدان العالم (النشيد الوطني و العلم الوطني)..
لقد فهمنا الآن كل ما ارتكبناه من أخطاء (مُخالفة أحيانا للمبادئ الديمقراطية مثل المادتين 26 و 28) ..
ما نحتاجه الآن ، هو تنظيم أيام تشاورية تشارك فيها كل النخب الموريتانية (عكس 2006 التي هيمنت عليها أصوات الغوغائية) ، تفضي إلى استفتاء شعبي ناضج ، يصحح كل أخطاء استفتاء 2006 و جرائم استفتاء 2017 ، يعيد مجلس الشيوخ و العلم الوطني للبلد و نشيده الوطني و كرامته التي تم التلاعب بها في مخطط شيطاني ، كان عزيز ينوي من خلاله إيهام العالم أنه مؤسس كل شيء في البلد !!؟
و يخطئ اليوم (للتذكير فقط) ، من يعتقد أن المادة 28 أو 29 هي التي منعت عزيز من مأمورية ثالثة !!
نحن نعيش في بحر من المغالطات و احتلال الغوغاء لواجهة المشهد السياسي هي المشكلة الأصعب و الأعصى على الحلول ؛ أخشى أن تكون الرسالة الوحيدة التي تحمل إلينا هذه الغوغاء هي أن يكون الزمن قد مَلَّ إمهالنا !!
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي شيء هو تعديلات دستورية تتضمن إنشاء مجلس أمن وطني يتشكل من قيادات الجيوش (الجيش ، الحرس ، الدرك) و قيادات الأمن و وزير الداخلية و محافظ البنك المركزي (…) ، يعالج كل مشاكل البلد بدءً من الزاوية الأمنية و بصلاحيات واسعة ، تحد من صلاحيات رئيس الجمهورية التي أصبحت تشكل عبءً حقيقيا على القرارات الاستعجالية المصيرية و يساهم في تأمين الاستقرار و الحد من الانقلابات العسكرية و أسباب كل الانزلاقات الطائشة ..!
هذه أمور أصبحت تمليها اليوم كل التحولات التي تعيشها البلاد و المنطقة و العالم ، *أتمنى أن يكون رئيس الجمهورية أول داعم لها و أول مطالب بها* ..