ما يسمى بالمدونين في موريتانيا ، لا يحق لهم الحديث في أي شأن عام ، لأنهم لا يلزمون أنفسهم بأي مسؤوليات و لا يحترمون أي حدود و أكثرهم أميين و الأمي بلا رأي ..
نعم ، ليس للجاهل رأي .. ليس للجاهل رأي .. ليس للجاهل رأي ..
كل من تكلموا في ما سأسميه “هذه القضية” ، تجاوزوا حدودهم و تجاوزوا القانون و تجاوزوا الأخلاق و لم يفرق أي منهم بين ما يحق له مما تجاوزه و ما لا يحق له مما تجاوز فيه كل الحدود ..
ليس من حق أي منكم و لا من عمله أن يتهم ، لا بالفرضيات و لا بالاستنتاجات و لا بالقراءات السبع !!
*ربما* (أقول ربما) ، كان من حق البعض (أعني الصحافة الجادة التي تفرق بين ما يحق لها و ما لا يحق لها) ، أن تطالب السلطات بالتحقيق في مصادر الأموال المشبوهة في البلد ، الكثيرة جدا و الخطيرة جدا : (شبيكو و أوكار القمار و المخدرات و الخمور و غسيل الأموال و الرهانات و الألعاب الألكترونية و جرائم البنوك الأهلية ، و الصرافات غير المرخصة و الأدوية المزورة و المواد المغشوشة و المواد منتهية الصلاحية…) ..
هذا هو عمل الصحافة المحترمة التي لا تعطي نفسها حق الاتهام و لا حق إصدار الأحكام ..
و حين لا تستطيع هذه الصحافة الضغط على السلطات لمواجهة هذه الفوضى العارمة في الأموال مجهولة المصادر و معلومتها ، لا تعوض الصحافة فشلها بتولي مهمة السلطات و إصدار الأحكام الجزافية على من تشاء و حماية من تشاء ..!
إذا كنتم تعرفون هذه الحقائق ، فلماذا هذه الانتقائية و إذا كنتم لا تعرفونها ، فأنتم آخر من يحق له أن يتكلم في مثل هذه المواضيع !؟
أن تلزموا طائرة مجهولة الهوية ، مجهولة المهمة ، بخط مسار من عندكم و توقيت افتراضي يحول هوسكم إلى ذكاء خارق و إسقاطكم إلى نبوءة ، نقول فقط إن الأمر مخجل : كيف تُسقط الأمور على مزاجك بهذه السهولة ، على وقع انفعالات مُختلَقة كأنك فيها المعني الأوحد بما يحدث في البلد !؟
ما كان لأي منكم أن يتهم أحدًا في هذا البلد بالمخدرات و لا بـ”لحجاب” و لا بالشعوذة و لا بالقمار من دون أدلة ملموسة ، لا يكفي تبذير هذا و لا تقشف ذاك لتبرير إسقاطاتها : هذه أمور من اختصاص القضاء . و ما تفعلونه هنا هو تخبط من يجهلون القانون و يسيئون إلى الصحافة ..
التحقيقات لا تُبنى على الشكوك و الاستنتاجات الجزافية ..
و الصحافة ليست الشرطة و لا القضاء .
لم أر في كل ما سال من حبر في هذه القضية أي اتهام وجيه ، لا من مهاجم لا يخفي ركوبه للموجة و لا من مدافع يحاول ركوبها بتعلة القمار أو الحجاب ..
نعم ، يجب اليوم أن نقف جميعا بكل ما لدينا من قوة لفرض السلطات على مواجهة انتشار الأموال مجهولة المصادر دون استثناء و من دون أي انتقائية ، لكن تحول وسائل الإعلام إلى مفوضيات شرطة أمر مرفوض و استسهال التهجم على البعض و تحاشي الأقوياء كما حدث في هذه القضية بالضبط ، هو أسوأ ما يمكن أن تقوم به الصحافة ..
أجرم من في هذا البلد و أقدمه هي بنوك الأسر و شركات التأمين و بورصات غسيل الأموال و مصانع تزوير الأدوية و مدد الصلاحية و شبيكو و أوكار التعاطي و القمار و صرافات الكاش المتحركة ؛ كل بارونات هذه الجرائم يعرفهم الجميع ، لكن لا أحد يحق له أن يتهم أيا منهم ؛ هذا هو القانون و هذا هو النظام كما هي الحال في العالم أجمع : عمل الصحافة و الطلائع هو كشف هذا الفساد على الأرض و مطالبة السلطات بالتحقيق فيه و معاقبة أصحابه ..
و حين تقوم أي جهة (صحيفة أو موقع أو صحفي مغمور) بالتحقيق في أي من هذه الملفات (و هذا مطلوب جدا و في صلب عملهم) ، لا بد أن يأتي بأدلة ملموسة يمكن اعتمادها : إن للناس حرمات وضعَ المشرع ترسانة قوانين لردع كل من ينتهكها ، يبدو أن الجميع يجهلها في هذا البلد..!
شكرا لكل من يقدم لنا أدلة محترمة على إجرام أي جهة في هذا البلد أو يكشف فساد أي أخرى بالأدلة الدامغة ، لكننا لن نقف مع أي جهة تَسَلُّط لا نعرف أسباب “غيرتها الانتقائية على الوطن”..!!