لا خيار اليوم أمام ولد الغزواني في تبني برنامج إصلاح عميق و صادق و
مقنع . و أكثر ما يحتاجه غزواني اليوم ، هو التفاف الرأي العام من حوله . و لن يلتف من حوله إلا باحترامه و بالتعاطي معه بشفافية و هو أمر لا يتطلب أكثر من تأكيد الأقوال بالأفعال :
ثقتنا اليوم كاملة في أن ولد الغزواني سيحارب الفساد “بيد من حديد” لأنها مصلحة البلد و مصلحة الشعب و مصلحته الشخصية و لأنه تعهد بها بالفم الملآن في إعلان ترشحه ، بما يجعلها دينا لنا عليه لا نتنازل عن أي فاصلة منه .
و محاربة الفساد تبدأ باستتباب الأمن و الاستقرار و هي مهمة يتولاها الجيش و الأمن بأعلى درجات الكفاءة و الثقة و المسؤولية بما يتيح لفخامة الرئيس التفرغ الكامل لإدارة شؤون البلد بأريحية (و هذه حالة من النادر أن تحصل في موريتانيا أو في أي بلد آخر) ..
و محاربة الفساد على مستوى إدارة شؤون البلد ، تتطلب أن يحتفظ الرئيس برجال ثقته في الدفاع و الداخلية و الخارجية و في ديوانه ؛ لا يحق لأي جهة أن تسأله لماذا اختار هذا أو ذاك لأي من هذه الوظائف .
و حين يجلس الرئيس و من يختار من طاقمه لتشكيل بقية أعضاء الحكومة ، يجب أن يضعوا ثلاثة معايير فقط لاختيار عناصرها : النزاهة و الكفاءة و التخصص .
و لأن الكفاءة و التخصص تحكمهما معايير واضحة ، يحاول الكثيرون مغالطة الرأي العام في مجال تحديد النزاهة .
و حين تكون النزاهة في مثل حال بلدنا اليوم ، أهم من الاثنين ، تكون المغالطة فيها تعبيرا واضحا للعدول عن إرادة محاربة الفساد .
و لا شك أن أمام الرئيس اليوم تحديات جسام و تراكمات صعبة ، يشكك الكثيرون (ولست منهم) ، في قدرته على تجاوزها : المحاصصة الجهوية ، المحاصصة اللونية ، المحاصصة القبلية ، كوتا النساء ، كوتا الشباب ، كوتا الأقليات (…) ..
هذه الخارطة الوهمية ، البغيضة ، هي أسوأ ما يخضع له قادة هذا البلد ..
و هذه هي معركة التحدي الحقيقية التي يمكن أن نحدد من خلالها اليوم شجاعة الرئيس و قدرته على تحطيم الأوهام المرضية .
ما أجمل أن نرى غدا حكومة موريتانية تنتمي 15 شخصية منها لمدينة واحدة أو قرية صغيرة ، تم اختيارهم على نزاهتهم و كفاءاتهم ..
و سيرى فخامة الرئيس أننا قادرون على الدفاع عنها بما يخلد ذكراه في هذا البلد قرونا قادمة ..
و سأكرر هنا أن الحكومة في موريتانيا (و هذا من أكبر عيوب النظام و أغربها ) تقال للوزراء و السفراء و الأمناء العامين و المحاسبين و المدراء و رجال الأعمال و النافذين في كل مجال ؛ فهل يتصور فخامة الرئيس أننا يمكن أن ننسى أن مدير ميناء نواكشوط ( و هي وظيفة أهم من كل الوزارات) ، هو كان من يكلفه المجرم عزيز بما يسمونه “إعادة كتابة تاريخ موريتانيا” . و هي جريمة خيانة عظمى ، تهدف إلى فبركة تاريخ البلد على هوى عزيز و الخلاص إلى اعتبار أنها ظلت أراض سائبة حتى حكمها عزيز و هو من صك عملتها و أعدَّ نشيدها الوطني و علمها الوطني و ضبط حالتها المدنية التي شوهت كل أسمائنا !؟
سيدي الرئيس ،
هناك أشخاص لا يمكن السكوت على جرائمهم في حق هذا البلد ، فكيف يتم تكريمهم بمثل هذه التعيينات السامية بدل محاسبتهم ، من قبل نظام يريدنا أن نحترمه !؟
على الرئيس غزواني أن يدرك أن ثمة أشخاص يحتلون مواقع سامية في نظامه ، سيظل وفاؤهم لعزيز أكبر من أي ثقة فيهم و أي ولاء يبدونه و سيظل دورهم أخطر مما يتوقعه الجميع ؛ ستكشفهم الأيام حتما و أرجو أن لا يكون بعد فوات الأوان ..
كل المؤشرات الدقيقة جدا ، تؤكد أن الحملة الرئاسية كانت بداخلها أياد نافذة تعمل على تخريب كل شيء . و لا شك أنهم تلاعبوا برئيس الحملة من دون أن يعي و من دون أن يكون فطنا أو حذرا بما فيه الكفاية و مرروه بالضبط من حيث يريدون .
سيدي الرئيس ،
لنفكر بعقل و منطق :
لقد حكم ولد عبد العزيز موريتانيا أكثر من عشر سنين و لم يخف يوما طموحه في العودة إلى الكم ، فعلى من يعتمد في تحقيق هذا الحلم الصعب !؟
من هم رجال ولد عبد العزيز في النظام الحالي ، الذين صنعهم من عدم و مكنهم من كل شيء حتى وصفه بعضهم بالرازق و بعضهم بالأهم من البلد كله و من الديمقراطية ؟
من يرد على هذه الأسئلة البسيطة ، لا يمكن أن يخطئ الطريق إليهم ..
و من يتذكر تعيينات الثلاث أشهر الأخيرة من حكم عزيز في كل مجلس وزراء ، يأخذ حتما برأس خيط مهمة مساعديهم الذين يتولى أكثرهم اليوم مهمة التدوين بأسماء مستعارة و بقية مهامهم القذرة المشوهة للنظام .
سيدي الرئيس ،
لم يعد من حقكم أن تسامحوا أي مفسد ..
لم يعد من حقكم أن تجربوا توبة أي صاحب سوابق ..
لم يعد من حقكم أن تفشلوا بأي ذريعة :
ليس لموريتانيا أي مشكلة سوى فساد أهلها و عبث أصحاب عزيز بمصيرها، و كل مهمتكم اليوم أن تحموها منهم و هو دين لنا عليكم بعد اعترافكم به و الوعد بقطع دابره ، لن نتنازل لحظة عن أي تجاوز في مجاله.