تذكرني اليوم ، رسالة “الشريف” (كما يطلق على أبطال أفلام الكوبوي القديمة) ، المفتوحة إلى رئيس الجمهورية ، برسائل أرسلتها له من المهجر ، حين كنت على رأس المطلوبين من قبل فوضاه (حتى لا أقول نظامه) ، أكدت له فيها أنه لن يحصل بأي معجزة على مأمورية ثالثة و لن ينجو بأي أخرى من السجن .
و يخطئ من يعتقد أن محاكمة عزيز انتهت أو يمكن أن تنتهي على هكذا عقوبة ؛ محاكمة عزيز لم تبدأ بعد و أي حكم في حقه دون المؤبد يظل مسرحية نفهم جيدا أسباب وضع سقف لها .
من أغرب صفات ولد عبد العزيز ، قدرته الخارقة على التعايش مع الخجل و موهبته الفذة في اختيار أسوأ الناس و أقلهم اكتراثا بأبشع الفضائح ..
يتحدث ولد عبد العزيز عن فريق عمل ولد الغزواني و طباعهم و ما يقودونه إليه ، ناسيا أنهم كانوا فريقه الذي يدعي اليوم أنه شيد به هونغ كونغ إفريقيا !؟
يتحدث عن اللحمة الوطنية و عن المسؤوليات الوطنية الكبرى ، ناسيا أنه من أمر بيرام بإحراق المدونة المالكية (شُلت أياديهم) و هو من أرسل له فريقا من التلفزة الوطنية لتخليد الحدث و استفزاز شعب يُعتبر أهم حافظة للفقه المالكي ، على وجه الأرض !؟
يتحدث ولد عبد العزيز عن الفساد كما لو كان عمر بن الخطاب و ينسى فضيحة بلوكات و سوق مدرسة الشرطة و مقر الموسيقى العسكرية و المدارس القديمة و شركة تركيب الطائرات و المسجد الكبير و مزارع شمامة و قصوره المتناثرة على طول خارطة الوطن و سلسلة فنادقه و حدائق الحيوانات النادرة و مئات الشاحنات و رباعيات الدفع و الجرافات و عشرات الفلل الناعسة و الشقق الفاخرة في المغرب و تركيا و دبي و باريس (…)
ينسى عزيز كتيبة تهريب العملات المحمية بجوازات سفر دبلوماسية..
ينسى آلاف القطع الأرضية المسجلة بأسماء مستعارة في أهم مناطق نواكشوط ..
ينسى عزيز ثروات تكبير و أبنائه و بناته و أصهاره و مقربيه ..
ينسى عزيز عمولات الشركات الأجنبية في الغاز و الذهب و الحديد و الاتصالات و الصيد (…)
ما نهبه عزيز وحده خلال فترة اختطافه للبلد أكثر ثلاثين مرة مما نهبه الجميع في عهد غزواني ..
فساد عزيز و أسرته وحدهم أكبر عشرات المرات مما نُهبَ مدة نصف قرن في كل غرب إفريقيا ، من دون الحديث عن تبييض الأموال و اتهامات النائب الفرنسي مامير و تزوير العملات و فضيحة صناديق آكرا و صفقة السنوسي ..
لقد حكم ولد عبد العزيز موريتانيا عشر سنين لكنه لم يستطع يوما أن يقنع أي أحد بأنه رئيس ، لا بسلوكه و لا بهيئته و لا باهتماماته و لا بثقافته و لا بعلاقاته و لا بتحمله لأي مستوى من المسؤولية ..
و يستغفلنا عزيز حين يتحدث عن الطرق و المدارس و الجامعة ، التي شيدت كلها بلا معايير ، معتقدا أننا لا نفهم أنها أفضل طريقة لنهب المال العام .!
لقد ترك ولد عبد العزيز خلفه (حسب تقارير الخبير الاقتصادي ، د/ محمد ولد محمد الحسن) ، 37 مؤسسة وطنية مفلسة (على عتبة حالة المرحومة سونمكس)..
ترك ولد عبد العزيز إدارة مدمرة ، لا تستطيع تقديم أي خدمة للمواطن ..
ترك خلفه منظومة فساد مكتملة الحلقات يحتاج التخلص منها عشرات السنين من العمل الدؤوب ..
ترك خلفة جيشا كاملا من المفسدين بلا ضمائر و لا أخلاق و لا كفاءات ..
ترك خلفه حقل القام بلا خارطة في كل مجالات الحياة ، نسيَّ اليوم ، أن رسالته المفتوحة إلى رئيس الجمهورية ، لا تفتح غير جرحنا الغائر ، حين تذكرنا بأن سخيفا مثله كان يوما يحكم بلدنا أمام أعين العالم .
و حين تسمع ولد عبد العزيز يكرر أن الجميع كان يطالبه بمأمورية ثالثة و هو من رفضها و لا تضحك ، عليك أن تراجع طبيبا نفسيا في أسرع وقت ، لأنك بالفعل مصاب بأشد حالات الاكتئاب ، إذا لم تكن تشفق على المسكين بأعلى درجات الخجل ..