قبل أسبوع ، و في 7 مايو الجاري بالتحديد ، دخلت المغرب فضاء جديدا في علاقتها مع موريتانيا ، عبر صحيفة “هيسبرس” ، التابعة لجهاز مخابراتها الخارجية “*لادجيد*” ، تَمَثلَ في إجراء مقابلة واضحة الأهداف ؛ القريبة و البعيدة ، مع من يُعلن استعدادَه للعمل مع أي شيطان لتشويه صورة موريتانيا و وصف عربها بالآبارتايد ، فكانت “هيسبريس” هذه المرة هي الشيطان الرجيم العارض لخدماته المجانية لولد اعبيد ، للإساءة إلى بلد يتقاسمان العداء له .
و هنا ، لا بد أن تكون لنا وقفة مع اللحظة : كنا في السابق نكرر صادقين أننا لا نكن أي عداء للشعب المغربي الشقيق و لا لنظامه الملكي (رغم أخطائه المتكررة في حقنا) ، لكننا سنظل نرد بخشونة معلنة على كل من يسيئون إلى بلدنا .
و يبدو أنه يفوت الإخوة في المغرب ، المتبجحين بانتصارات مخابراتهم الخارجية ، أنهم لا يمكن أن يفهموا عن موريتانيا إلا ما نريدهم نحن أن يفهموه . و أننا بذكاء شعبنا الفطري ، ما زلنا نستطيع أن نصنع لهم ألف يوسف بن تاشفين و عشرة آلاف اخناثة بنت بكار و جمهورية عربية صحراوية شامخة ، أقل مطالبها تعويض أكثر من نصف قرن من الخسائر و المظالم و استعادة مراكش و ضواحيها ..
كيف يصل إفلاس المغرب و غباؤه إلى درجة انتظار المعونة من بيرام ولد اعبيد بانضمامه إلى المبادرة المغربية لإنشاء ميناء الداخلة ، ضمن الدول الإفريقية الداعمة لمغربية الصحراء !؟
فليطمئن الصحراويون اليوم أكثر من أي وقت مضى : لا يمكن لدولة تتسوَّلُ مواقف بيرام ولد اعبيد أن تحتل بلدا يرفض أهله الخنوع ..
ما أظهره المغرب من الضعف و غياب الرؤية و جهل الحقائق ، في هذه المقابلة ، يشي بإفلاس مُشفِق ، لا يمكن توقعه من بلد كنا نعتقد أنه يدرك ما يفعله على الأقل !!
و حين يتلذذ المغرب بتهجم الرويبضة بيرام على الجيش و الشعب الموريتانيين ، و ينسى لائحة معارضيه في الخارج و معارضي احتلاله للأراضي الصحراوية ، من خيرة أبناء المغرب و أكثرهم ثقافة و أقومهم منطقا ، نقول فقط إنه لايمكن أن يرتكب مثل هذا الخطأ في وعيه الكامل !!
و أستغرب حقا هنا ، حديث بيرام عن المظالم الاجتماعية في موريتانيا ، التي يرجعها إلى سبب الانقلابات العسكرية في البلد ؛ فهل تتذكر “هيسبريس” الانقلابات على العرش في المغرب (71 – 72) ؟
هل تدرك “هيسبريس” أن المغرب لم يَدَّعِ يوما قبل هذين الانقلابين ، أي صلة له بالصحراء ؟
هل تعي “هيسبريس” أن هذين الانقلابين هما السبب الحقيقي في حرب الصحراء ؛ لإلهاء الجيش المغربي عن السياسة من جهة و إشراك جنرالاته في نهب ثروة الشعب المغربي الذي يعيش أكثر من نصفه تحت خط الفقر !؟
ألا ينكأ جهلكم و جهل بيرام هنا ، أسوأ صفحة من تاريخ المغرب ، من دون أن تدركوا ذلك ؟
أن يثق النظام المغربي في الأحكام العسكرية الموريتانية أو لا يثق فيها ، تلك مشكلته و ستظل تؤرقه ما دام يستبدل شعبا و دولة بطرطور جاهل يبحث عن أي صفقة عمالة مع أي شيطان يتشارك معه العداء لبلدنا ..
سيظل أغبى موقف للمغرب و السنيغال عبر تاريخ عمالتهما الطويلة لفرنسا الكولونيالية ، هو رهانهما اليوم على أخسر حصان في تاريخ الديمقراطية .
قد لا ترد الأجهزة الموريتانية الرسمية على غباء المغرب في رهانها على “الجمرة الخبيثة” بيرام ولد اعبيد . لكن ، عليها حين تركب أعتق خيلها و تقرر عداء شعب اشتهر بفن تفجير العبارة ، أن لا ترد علينا بنواح النساء و نكران الأطفال.
ما كنا سنؤاخذ المغرب بأي كلمة مما جاء في هذه المقابلة التافهة بأسئلة أصحابها و أجوبة طرطورها ، لو كانت مع أي سياسي أو مثقف موريتاني ، معارضا كان أو مواليا . لكن ، أن تحتقرونا إلى حد اعتبار رويبضة تافه ، قطبا سياسيا في بلد أذهلت كلَّ شعوب الأرض عراقتُه و أصالته ، لسرقة ميناء صحراوي (لم تفهموا بعدُ أن دونه الحتمية التاريخية و عناد الشعب الصحراوي الشجاع و وفاء الجزائر) ، بشهادة مجروحة باع صاحبها وطنه قبلها بأرخص ثمن ، فلا نملك سوى أن نقول إنكم – مع الأسف – أحق شعوب الأرض اليومَ بالشفقة و المشفَّة !!
و لأننا نراهن على الحتمية التاريخية و تراهنون على الأكاذيب و الأطماع التوسعية ، فلا نخاف اليوم ميكروفونات أخرى في قاعة اجتماعات الدول العربية (المنعقدة اليوم في المنامة) و لا مزيدا من كتائب جنودكم في صفوف جيش العدو الصهيوني ، المُوَّجِهُ لنيران أسلحته الغائرة إلى صدور أطفال غزة في صمودهم الأسطوري (حسب مؤرخكم المرجع محمد البطيوي) ، و إنما نخاف عليكم فقط من شرور أنفسكم و سوء قراءتكم للتاريخ .
*هيسبريس و بيرام ولد اعبيد !!*
ماذا نملك اليوم أن نقول سوى “*لو ذات سوار لطمتني*” !!؟