7 أكتوبر، قراءة تحليلية.
بقلم / سيد ولد أحمد مولود
عارضت فئة من المثقفين والسياسيين العرب حادثة السابع من أكتوبر التي قامت بها كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بحجة أنها مغامرة غير محسوبة العواقب، لم تراع في نظرهم التحولات السياسية على المستوى الدولي والإقليمي التي تميل إلى توثيق الصلة بإسرائيل والتقرب إليها بعد أن أصبحت قوة ضاربة في المنطقة وتحظى بدعم ومساندة قوى الشر والنفوذ العالمي.
وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأي بحسابات المنطق والسياسية إلا أن أصحابه تجاهلوا أن خنوع السلطة الفلسطينية لم يجلب الأمن والحرية لسكان الضفة الغربية التي تعيش موتا بطيئا بسبب نقاط التفتش والجدار العازل الذي يقطع أوصالها ويمنع أفراد السلطة أنفسهم من التحرك إلا بإذن من قادة الاحتلال، هذا بالإضافة إلى الاعتداءات اليومية من قبل الجنود والمستوطنين الذين يقتلون السكان ويهجرونهم ويستولون على منازلهم بقوة السلاح، وينقصون أرض الضفة من أطرافها يوما بعد يوم.
أما حماس فيشهد لها خصومها قبل حلفائها أنها من أكثر الحركات الجهادية ذكاء سياسيا ونضجا فكريا، وهي تعرف العدو الإسرائلي أكثر من غيرها، وقد قامت بهجوم السابع من اكتوبر بناء على حسابات كثيرة منها:
1- أن العدو الإسرائلي يحضر لاجتياح غزة وتصفية القضية الفلسطينية برمتها وذلك بالتواطئ مع الأنظمة العربية التي أصبحت تسارع إلى التطبيع السياسي والتعاون الاقتصادي مع إسرائيل، وصارت بذلك محرجة من وجود حركات المقاومة المناهضة لمنهجها السياسي الذي يميل للخنوع والخضوع، مما جعل الحركة تمتلث القاعدة العسكرية الشهيرة (الهجوم أفضل وسيلة للدفاع).
وقول المتنبي:
إذا لم يكن من الموت بُد @ فمن العار أن تموت جبانا.
2- استرجاع المظلمة الفلسطينية إلى الساحة الإعلامية والسياسية بعد أن سعت إسرائيل والحكومات العربية المتحالفة معها إلى طمسها وطيها في ملف النسيان.
3- اختطاف جنود إسرائليين من رتب عالية من أجل تبادلهم مع آلاف الأسرى الفلسطينين من أصحاب الأحكام المؤبدة الذين يقبعون في سجود الاحتلال.
4- أن الحرب لن تطول وأن الحصار لن يكون بهذا المستوى، من الإحكام والقسوة.
5- أن حلفاءها الإيرانيين واللبنانيين سيتدخلون عسكريا للتخفيف عليها.
لكن الجميع قلب لها ظهر المجن وتنكر لها في ساعة العسرة، ولو خذلان الحلفاء وتواطئ العملاء وعلى رأسهم مصر والأردن والسعودية والإمارات لما حدث ما حدث في قطاع غزة.
وعلى الرغم من قسوة وبشاعة ما تعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من إبادة جماعية لم يعرف التاريخ لها نظيرا، إلا أنها عرَّت إسرائيل وعملاءها أمام العالم وأيقظت ضمائر الشعوب الأوروبية وأزالت عنها غشاوة التعتيم والتضليل الإعلامي التي طمَست بها بصائرها عقودا متتالية.