لا أستطيع في البداية إلا أن أشيد بموقف السلطات الموريتانية الشجاع من معركة الكرامة العربية و الإسلامية في غزة ..
و لا يمكن أكثر و أكثر ، إلا أن أنوه بكل فخر و اعتزاز بالهبة الشعبية الموريتانية الصادقة ، التي رافقت أحداث غزة من أول وهلة بالتظاهر و التبرع و الدعاء ..
و الثناء موصول إلى بيان المعارضة الموريتانية الحكيمة في إشادتها بموقف النظام و اعترافها بشجاعة تجاوزه لإكراهات الواقع و قطع الطريق أمام هستيريا التطبيع المتجاوزة..
و لا بد أن أشير هنا إلى أن حرب إسرائيل اليوم ليست مع غزة و إنما مع العالمين العربي و الإسلامي و حرب غزة ليست مع إسرائيل و إنما مع المنظومة الغربية كلها بقيادة بريطانيا و فرنسا و أمريكا ، بما توفر لها من جنود و سلاح و عتاد و تغطية إعلامية مسعورة و مواقف دولية معرقلة لأي قرار أممي لصالح القضية الفلسطينية العادلة ..
و إذا طالت حرب غزة المفتوحة، بكل عربدة المنظومة الغربية الجبانة أكثر من أسبوع قادم ، قد تفرض المظاهرات الشعبية الغاضبة طرد سفارات أمريكا و بريطانيا و فرنسا من كل العواصم العربية و الإسلامية و من بلدان أخرى في أمريكا اللاتينية و غيرها .. و إذا طالت أكثر من ذلك ، قد تجد أنظمة عربية “عتيقة” نفسها في مواقف محرجة أمام شعوبها (باحتمالات مفتوحة).
ما يحدث الآن في غزة منعرج تاريخي خطير ، لن تعود الأمور فيه إلى سابق عهدها . و حين تبدأ عجلة التاريخ في طحن المتخلفين عن الركب ، تكون جل الأحكام العربية في دائرة الخطر و تكون الحلول الأمنية أسوأ وسيلة للبقاء ..
إن الوصفة الآمنة الوحيدة لحكام العرب اليوم هي أن يتجاوزوا شعوبهم في مواقفهم من معركة الكرامة و أن لا يفكروا في غير القوة الناعمة في مواجهة الضغط الداخلي ، مهما بلغ سقف استيائه..
على حكام العرب أن يفهموا اليوم ، أن كل من يسقط ميتا في مظاهرة عربية مع غزة، يعتبر نفسه شهيدا (و هو كذلك إن شاء الله) ، فاحذروا ، احذروا صولة الشهداء.. احذروا بسالة الشهداء .. احذروا عناية الله بأرواح الشهداء .. احذروا وعد الله بانتصار الشهداء ..