لازلنا نتابع معكم مجموعة مقالات كنت قد كتبتها عن كيفه لأن شيئا لم يتغير بعد تحظى ولاية لعصابة باهتمام كبير من لدن الممولين الدوليين حيث استقطبت أغلبهم إن لم نقل كلهم ورغم هذه الحظوة، إلا أن انتقادات كبيرة توجه إلى جدوى التمويلات الكبيرة التي أنفقوها بدعوى تنمية الولاية، ونظرا للحجم الكبير لهذه التمويلات وللمردودية شبه المنعدمة لها على صعيد الواقع فإن التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء ذلك يفرض علينا أن ننظر في جذورها حتى نتبين الأمر، وللتوضيح فإننا أمام مجموعة من الحقائق التي يتحتم أن نذكر اثنتين منها على الأقل :
1- إن الممولين لا يمتلكون الخيار في تحديد من يتعاملون معه؛ فالسلطات الإدارية هي وحدها القادرة على تحديد الجهات المخولة بالتعامل مع هؤلاء الممولين.
إن السلطات الإدارية هي التي تعين وتستدعي المشاركين ومن لم تخوله الحضور لا يستطيعه، ورغم ذلك كان على الممولين أن يفطنوا إلى عمليات نسخ وتكرار لوائح المشاركين في كافة الورشات، ألم يبعث ذلك في نفوسهم على الأقل ريبة في طبيعة الاختيارات الإدارية، وهل لا يملكون الحق في مجرد التساؤل، ناهيك عن وضع معايير وأسس علمية وتقنية تحول دون ذلك؟ إنه من الخطإ الفادح أن يوكل أمر التخطيط لتنمية الولاية إلى جهات غير معنية به مباشرة:
السلطات الإدارية، رؤساء المصالح، منظمات ملحقة بهم.. إن دور كل هؤلاء ينحصر في التأطير ليس إلا .
إن من يملك الحق في التخطيط والاقتراح والرأي وغير ذلك هم المستفيدون من المواطنين دون منازع، ولا يمكن إدغامهم في منظمات تعيش على الافتيات على كافة أفراد الشعب وينحصر دورها عادة في التوقيع على بياض لتبرير الصفقات والمشاريع في أغلب الأحيان.
2 – إن القوانين المسيرة لعمل الممولين لا تمكن تطبيقيا من الشفافية اللازمة لتوصيل تمويلاتهم إلى غاياتها، وللتوضيح فإن الأمور تسير شكليا بطرق سليمة: ينظم ممول ورشة يطلب فيها آراء المشاركين لاقتراح أو تقويم مشروع سيقام به أو قد قيم به، وجملة المعلومات المتحصل عليها تشكل بالتالي دعامة عمل ستطالب جهة مستفيدة عبر دراسة معينة بالاستفادة منه، وتقوم جهة ثانية بهذه الدراسة وتسلمها بعد اكتمالها إلى الجهة الممولة التي ستكلف جهة رابعة بالمتابعة على أن تتولى جهة خامسة تنفيذ الأعمال، وبهذه الطريقة تكون الأمور نظريا سليمة إلا أن ما يحدث فعلا هو عين الكارثة.
نأخذ على سبيل المثال مشروع الصرف الصحي 2007:
تم تقسيم المبلغ الإجمالي “خمسة وعشرين ن مليون أوقية” إلى مبالغ صغيرة يمكن منحها بعيدا عن شروط الصفقات ، وتم استلام المشروع فعلا، وكلنا يعلم حقيقة ما جرى.
أما بالنسبة لمشروع النظافة 2012 فلما يتم تسلم نهاية أعماله حتى الآن، رغم إنفاق ثلاثة ملايين أوقية لصالح مكتب المتابعة وستة وثلاثين مليون أوقية كنفقات للمشروع تضمنت شراء حافلتين وأدوات للنظافة وإقامة مكب للأوساخ ودفع مليون أوقية لكل منطقة : 500 ألف لكل منسقية من منسقيات المجتمع المدني ، يتم ذلك على مراحل والغريب في الأمر أن جهة التمويل ليست عضوا لا في لجنة المصادقة على المشروع ولا في لجنة منحه، فلجنة المصادقة تتكون من الوالي رئيسا ورئيس رابطة العمد وثلاثة عمد مختارين من الرابطة، أما لجنة المنح فتقتصر على السلطات الإدارية التي تقترح من يمثلها إلى جانب العمدة، مع العلم أنه تم إلغاء لجنة الصفقات البلدية، دون معرفة بالأسباب.
وهنا لا بد أن نتساءل : ألا يشي هذا كله بعملية تبديد ممنهجة ومقننة للتمويلات بأساليب تقنية غاية في التفنن في الغش والبراعة في التحايل، ؟!
ومن هنا يلزم أن نوجه كلمة عتاب إلى هؤلاء إذا كانوا جادين فعلا في وصول برامجهم إلى غاياتها، من يمنعهم من التحقق من ذلك فالحاجة ماسة إلى تمويلاتهم ولكن حلقة مفرغة تمنع هذه التمويلات من النزول إلى قاع الفقر والجهل والمرض لتتحول إلى أموال دولة بين قلة من المفسدين يتسترون وراء صفات إدارية وجمعوية.
هنا تنتهي مرحلة التخطيط مع GTr ( المجموعة الجهوية للعمل) لتبدأ مرحلة أخرى من التخريب ستنسي في كلما تقدم فرسانها جماعة CRD ( اللجنة الجهوية للتنمية).
سنتناولها لاحقا إن شاء الله .
محمد المهدي صالحي09/04/2015