سأتحدث في هذه الورقة الكاشفة عن نضال الشباب الموريتاني خلال العقد الأخير، ومن قبل البدء في هذا الحديث سيكون من الضروري أن أوضح الآتي:
ـ أن هذه الورقة ستركز على الأخطاء ومظاهر الخلل في هذا النضال، بدلا من التركيز على الجانب الإيجابي، وسبب ذلك هو أن الأخطاء ومظاهر الخلل قلَّما تجد من يتحدث عنها، في حين أن الجانب الإيجابي قد وجد حظا كبيرا من الحديث والإشادة؛
ـ أنها ستتحدث عن نضال الشباب الموريتاني سواء كان معارضا أو مواليا وستقدم أمثلة حية من مظاهر الإخفاق، مع التركيز بطبيعة الحال على نضال الشباب المعارض، وذلك لأنه هو المعني الأول بهذه الورقة؛
ـ أن السقف الزمني لها سيمتد من تاريخ اندلاع ما يسمى بالثورات العربية إلى يوم الناس هذا.
الشباب من وقودٍ للحملات الانتخابية إلى وقودٍ للأنشطة الاحتجاجية
كثيرا ما سمعنا الشباب الموريتاني سواءً كان في المعارضة أو الموالاة يعبر عن تذمره واستيائه من تعامل الأحزاب السياسية معه، فهذه الأحزاب لا تعتبره إلا مجرد وقود لإنعاش الحملات في المواسم الانتخابية، ولا تعطيه من الأدوار إلا تلك الأدوار الهامشية المرتبطة بإنعاش الحملات. لم يُخْف الشباب الموريتاني في السنوات الأخيرة تذمره من هذه الأدوار الهامشية، فظهرت حركات شبابية مستقلة ـ بدرجة أو بأخرى ـ عن الأحزاب السياسية.
وبعيدا عن هذا الاستياء وآليات التعبير عنه، فيمكن القول إن الشباب الموريتاني، وسواء منه من انخرط في حركات شبابية مستقلة أو من بقي في الأحزاب السياسية أو من ينشط بصفة فردية قد استطاع بمختلف تشكيلاته أن يحتل واجهة مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبح تأثيرها قويا في توجيه الرأي العام وفي تحريك الشارع، كما استطاع أن يحتل الواجهة الاحتجاجية، ولكن هذا الشباب النشط في مواقع التواصل الاجتماعي وفي ميادين الاحتجاج لم يتمكن من أن يستثمر سياسيا جهوده الكبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتضحياته الجسيمة التي قدم في ميادين الاحتجاجات.
كان هناك فشل واضح في الاستثمار السياسي لتلك الجهود، وعجز بين في خلق قنوات سياسية قادرة على توظيف تلك الجهود والتضحيات في مشروع أو مشاريع سياسية ذات نفس طويل، وبمقاسات شبابية. وبعبارة ألطف فإنه يمكن القول بأن الشباب الموريتاني لم يتمكن من أن يفرض حضورا سياسيا يتناسب مع مستوى جهوده المبذولة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتضحياته المشهودة في ميادين الاحتجاجات. ولعل المثال الأبرز الذي يمكن تقديمه هنا هو تجربة حركة 25 فبراير، والتي تعتبر من أهم الحركات الشبابية التي ظهرت في العقد الأخير، فقد استطاعت هذه الحركة خلال السنوات الأولى مما بات يُعرف بالربيع العربي أن تستقطب أعدادا كبيرة من خيرة الشباب الموريتاني.
تمكنت الحركة من أن تنظم الكثير من الأنشطة الاحتجاجية خلال عدة سنوات، وتعرض الكثير من نشطائها للقمع والتنكيل والسجن، ولكنها مع ذلك لم تتمكن من أن تستثمر سياسيا كل هذه التضحيات. لم تستطع هذه الحركة أن تستوعب التحول الحاصل في مزاج الشارع بعد انحسار الربيع العربي وظهور الثورات المضادة، ولم تدرك أن شعارات الربيع العربي لم تعد قادرة على استقطاب أعداد كبيرة من الشباب بعد تغير مزاج الشارع، وأنه قد أصبح من الضروري أن يتم تحديث تلك الشعارات وتحيينها وتحويلها من شعارات ثورية إلى شعارات سياسية تُناسب مرحلة ما بعد انحسار الربيع العربي، وهو ما كان سيمكن الحركة من الاحتفاظ بأكبر نسبة من الشباب الذي انخرط فيها خلال فترة ألق الربيع العربي.
لقد أتيحت لهذه الحركة فرصة ثمينة لاستثمار نضالها في مشروع سياسي قادر على البقاء والتطور، ولكنها للأسف لم تستغل تلك الفرصة، ففي مطلع العام 2014، والذي شكل بداية لانحسار الربيع العربي، انطلقت في موريتانيا الأعمال المحضرة لتأسيس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
تم تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الذي سيُعلن فيه لاحقا عن تأسيس المنتدى، وكانت حركة 25 فبراير ممثلة في هذه اللجنة، وكانت هناك رغبة جدية لدى كل الأعضاء المؤسسين للمنتدى في أن يكون حضور الشباب قويا في هذا التجمع المعارض الجديد، والذي سينفتح لأول مرة على المنظمات الحقوقية والنقابات العمالية والشخصيات المستقلة ذات التوجه المعارض.
بعد ما يزيد على شهر من الأعمال التحضيرية، وبعد أن تم البدء في توزيع الدعوات للمؤتمر، قررت الحركة ـ وبصورة مفاجئة ـ الانسحاب من اللجنة التحضيرية، فخسر بذلك المنتدى، والذي لا شك أنه كان في حاجة ماسة إلى قطب شبابي بالإضافة إلى أقطابه الأربعة التي ستتشكل فيما بعد (القطب السياسي؛ قطب النقابات؛ قطب المجتمع المدني؛ قطب الشخصيات المستقلة). نعم خسر المنتدى بسبب انسحاب الحركة التي كانت تمثل الشباب في اللجنة التحضيرية، وخسرت أيضا الحركة وكانت خسارتها أكبر، ذلك أنها ضيعت فرصة ثمينة كانت ستتيح لها أن تكون ممثلة للشباب المعارض في أكبر تجمع معارض، وكان ذلك سيتيح لها أن تشكل ذراعا سياسيا للشباب في أكبر تجمع معارض.
ضيعت الحركة تلك الفرصة الثمينة، فكان ما كان من تراجعها وانحسارها إلى أن أصبحت اليوم عاجزة حتى عن تخليد ذكرى تأسيسها بنشاط ناجح.
وكمثال آخر من حراك شبابي آخر، لم يصل إلى الحجم الذي وصلت إليه حركة 25 فبراير، ولكنه مع ذلك كان حاضرا وبقوة خلال فترة التعديلات الدستورية. كان حراك “محال تغيير الدستور” من أكثر الحراكات الشبابية نشاطا في تلك الفترة، فنظم العديد من الاحتجاجات، وشارك مع غيره في احتجاجات أخرى، الشيء الذي جعل مجموعة الثمانية التي تأسست قبيل التعديلات الدستورية، تدعوه للانضمام إلى تكتلها، وكان بذلك هو الممثل الوحيد للشباب في هذا التجمع المعارض الكبير. لم يُدرك الحراك أهمية وجوده في هذا التجمع المعارض، ولم يدرك أن العمل داخل هذه التكتلات التي تضم العديد من الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمنظمات الحقوقية له ضوابطه وشروطه. لم يستطع الحراك أن يستفيد من هذه التجربة وأن يستغلها في التحول من حراك احتجاجي إلى مشروع شبابي ذي صبغة سياسية، وكان مثل ذلك التحول مهما للحراك الذي بدأت تسميته وشعاراته الاحتجاجية تفقد ألقها بعد تمرير التعديلات الدستورية.
الشباب المعارض والعَقْدُ الضائع سياسيا
لم يكن من السهل تصور غياب أي بصمة للشباب المعارض في رئاسيات 2019، خاصة وأن هذا الشباب المعارض كان في طليعة الرافضين للتمديد وللمأمورية الثالثة. أذكر أنه في مطلع العام 2019، وفي محاولة لتجنب ذلك الغياب نظمت “منصة رئاسيات 2019” أياما تفكيرية لمدة يومين حضرتها أغلب الحركات الشبابية وبعض الشباب المستقل، وكانت تحت عنوان “الشباب المعارض ورئاسيات 2019 “. كان الهدف من هذه الأيام التفكيرية هو إيجاد آلية ما للتنسيق بين الشباب المعارض، وذلك لضمان مشاركة فعالة في صياغة البرنامج الانتخابي، وفي اختيار المرشح الموحد للمعارضة، ولو أن الشباب المعارض شكل إطارا للتنسيق فيما بينه، لامتلك بذلك الشرعية السياسية للتعبير عن رأي ومواقف الشباب المعارض، ولفرض في الوقت نفسه حضورا قويا في التحضيرات لرئاسيات 2019. شهدت هذه الأيام التفكيرية في بدايتها خلافا قويا بين الشباب المنخرط في الحركات الشبابية والشباب المنتمي للأحزاب السياسية، الشيء الذي أدى في نهاية المطاف إلى توقفها، والتوقف ـ بالتالي ـ عن البحث عن آلية للتنسيق بين شباب أظهر في ذلك الوقت أنه غير مستعد أو غير مؤمن بأهمية التنسيق فيما بينه.
غاب التنسيق بين الشباب المعارض في تلك الانتخابات، وتفرقت الحركات الشبابية بين المترشحين، الشيء الذي أدى في المحصلة النهائية إلى غياب الشباب المعارض عن كل مراحل التحضير للانتخابات الرئاسية، ولم يكن أمامه في النهاية إلا أن يتوزع على المترشحين، وأن يلعب دور “منعش الحملات الانتخابية” ذلك الدور الذي طالما عبر عن استيائه منه.
خلاصة القول في هذه الفقرة هي أن الشباب المعارض لم يستطع رغم تضحياته الكبيرة خلال العقد الماضي أن يخرج من دائرة إنعاش الحملات الانتخابية أو المظاهرات الاحتجاجية، ولم يستطع أن يفرز قيادات سياسية أو حركات سياسية قادرة على أن تملأ الفراغ السياسي الذي أنتجه ـ أو سينتجه ـ تراجع دور الأحزاب التقليدية والقيادات التاريخية للمعارضة.
الشباب والتدوين السلبي
تُعدُّ مواقع التواصل الاجتماعي هي نقطة القوة الأهم التي يمتلكها الشباب الموريتاني، ولو أن الشباب استخدم نقطة القوة هذه بشكل منظم ووفق خطة مدروسة لحقق مكاسب كبيرة للوطن بصفة عامة ولشريحة الشباب بصفة خاصة. المؤسف في الأمر أن ظاهرة الانشغال بتوافه الأمور وبالتدوين السلبي أصبحت في اتساع متزايد الشيء الذي قد يقلل مستقبلا من الدور الإيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي.
هناك أمثلة كثيرة يمكن تقديمها عن خطورة التدوين السلبي، منها هذا المثال: في يوم 14 إبريل 2018 تم الإعلان فجرا من خلال تغريدة لرئيس الحزب الحاكم عن وقف مفاوضات سرية كانت تجري بين السلطة والمعارضة، وذلك بعد تسريب وثيقة المفاوضات قبيل التوقيع عليها، وكانت تلك المفاوضات تسعى أساسا إلى ضمان حصول المعارضة على تمثيل مناسب لها في اللجنة المستقلة للانتخابات. بعد تسريب الوثيقة والإعلان عن وقف المفاوضات السرية انطلقت واحدة من أشرس الحملات التدوينية ضد الرئيس الدوري للمنتدى، والذي كان حينها الدكتور محمد مولود. شارك في هذه الحملة التي استمرت لأيام طوال الكثير من المدونين المحسوبين على المعارضة، فقدموا بذلك خدمة كبيرة للنظام من خلال محاولة تشويه سمعة أحد أبرز قادة المعارضة، وكان ذلك في فترة حساسة جدا : خمسة أشهر قبل الانتخابات التشريعية، وأربعة عشر شهرا قبل الانتخابات الرئاسية.
لا أحد من كبار المدونين في المعارضة الذين شاركوا في تلك الحملة الظالمة سأل عن حجم التضحيات التي قدمها الرئيس محمد ولد مولود وحزبه خلال العقد الأخير، وهي تضحيات انعكست سلبا على الحزب وعلى رئيسه، وما زالا حتى الآن يدفعا فاتورتها الكبيرة. ولا أحد منهم سأل عن الهدف من تلك المفاوضات السرية، فهل كان الرئيس محمد ولد مولود يسعى لتحقيق مكاسب ضيقه له أو لحزبه حتى يحق لمدوني المعارضة أن ينتقدوه بتلك الشراسة، أم أنه كان يسعى لتحقيق مكاسب للمعارضة في مجموعها من خلال تعزيز مكانتها في لجنة الانتخابات، الشيء الذي جعل من تلك المفاوضات عملا نضاليا يستحق الرئيس محمد ولد مولود أن يشكر عليه، لا أن تشن الحملات التدوينية ضده.
ومن الأمثلة التي يمكن تقديمها أيضا عن التدوين السلبي وعن الحملات التدوينية الساذجة ما تعرض له المناضل الشاب محمد الأمين ولد سيدي مولود من هجوم تدويني بسبب حضوره لإفطار نظمه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في العام 2016. وصل مستوى الانحطاط في تلك الحملة التدوينية أن البعض اعتبر أنه يمكن لمناضل شاب بحجم محمد الأمين ولد سيدي مولود أن يتنازل عن موقفه السياسي مقابل وجبة إفطار!!!
اللافت في تلك الحملة التدوينية الظالمة هو أن بعض مروجي هذه التهم الساذجة سيلتحقون فيما بعد بالحزب الحاكم، وسيبقى محمد الأمين ولد سيدي مولود ثابتا على موقفه، بل أكثر من ذلك فقد استطاع هذا الشاب، أن يُشكل استثناءً، وأن يستثمر سياسيا نضاله في مواقع التواصل الاجتماعي وفي ميادين الاحتجاج، فترشح للبرلمان وفاز، ليصبح اليوم من أكثر النواب في البرلمان الموريتاني دفاعا عن قضايا المواطن.
الشباب وفشل التنسيق في محاربة الفساد
من المعلوم بداهة أن الشباب هو الأكثر تضررا من الفساد، وأنه هو المعني الأول بمحاربة الفساد، وفي هذا الإطار فقد أصدرت الحركات الشبابية (حراك آفاق موريتانيا السياسي ؛حراك محال تغيير الدستور؛ حركة الطليعة التقدمية؛ حركة رفض؛ حركة كفانا؛ حركة نستطيع؛ كتلة التغيير الجاد؛ مشروع إلى الأمام موريتانيا) بيانا مشتركا في يوم 13 أغسطس 2020 ثمنت فيه عمل لجنة التحقيق البرلمانية، وطالبت فيه بتوسيع التحقيقات، وإقالة كل المشمولين في الملف، وسن قوانين تمنع التعيين لكل من ثبتت إدانته في ملف فساد.
تعهد الموقعون على هذا البيان المشترك بتأسيس إطار وطني جامع ينسق عمل هذه الحركات ويوحد جهودها. كما تعهدوا أيضا أنهم سيعلنون عن خطة عمل لهذا الإطار الجامع في وقت لاحق.
للأسف لم يتأسس هذا الإطار الشبابي، ولم يعلن عن أي خطة عمل، وتوقف التنسيق بين هذه الحركات بعد إصدار بيان 13 أغسطس اليتيم. وفي المحصلة فقد غاب أي جهد مشترك لشباب هذه الحركات، ولغيره من الشباب فيما بات يعرف ب ” ملف فساد العشرية”.
فشل الشباب المعارض والمستقل في استغلال فتح ملف “فساد العشرية” لتنسيق جهوده وفرض حضوره في هذا الملف، وذلك من خلال الوقوف ضد انحرافه إذا ما ظهرت أي بوادر انحراف، والمطالبة بتوسيعه حتى يشمل ملفات أخرى، والضغط بكل وسائل الضغط المتاحة لكشف ووقف أي فساد قد يقع بعد فتح هذا الملف.
فشل الشباب المعارض والمستقل في تنسيق جهوده بخصوص هذا الملف، كما فشل في أوقات سابقة في تنسيق جهوده بخصوص ملفات أخرى، ومن المؤكد بأن ذلك الفشل لن يأتي بنتائج إيجابية لا على الحركات الشبابية ولا على مسار الملف.
عن شباب الموالاة
لا خلاف على أن مظاهر الإخفاق عند الشباب المحسوب على الموالاة هي أكثر وضوحا من مظاهر الإخفاق عند الشباب المعارض، والأمثلة كثيرة على ذلك، فمنها ما حدث في عهد الرئيس السابق الذي حاول أن يتصدى لثورات الربيع العربي من خلال الانفتاح على الشباب، فظهرت أحزاب شبابية اختزنت في جيناتها كل مساوئ الطبقة السياسية التقليدية، وزادت على تلك المساوئ بنقص في الخبرة والتجربة، فشهدت تلك الأحزاب من النزاعات و التفكك والانشطارات والصراع على المصالح الضيقة والخاصة ما لم تشهده أحزاب الموالاة التقليدية في كل تاريخها. وخارج الأطر السياسية فقد تم تأسيس المجلس الأعلى للشباب، ولكن هذا المجلس لم يقدم شيئا ملموسا للشباب، وشكل بذلك محطة أخرى من محطات فشل الشباب الدائر في فلك السلطة الحاكمة.
وفي العهد الحالي يكفي أن نطرح الأسئلة التالية : أين تبخرت عشرات إن لم نقل مئات المبادرات الشبابية الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟ لماذا غابت هذه المبادرات عن المشهد؟ ولماذا لم تحاول هذه المبادرات أن تشكل ذراعا سياسيا للنظام الذي دعمته بدلا من ترك الأمر لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، والذي لم يستطع حتى الآن أن يخرج في دعمه عن الأنماط التقليدية في الدعم للأحزاب الحاكمة؟
إن الحجة التي يتقدم بها بعض القائمين على هذه المبادرات الشبابية هي أن النظام أو واجهته السياسية التقليدية لم تمنحهم الفرصة للظهور! ومتى كان السياسي يُعلن عن تقاعده وينسحب من المشهد لكي يتيح لسياسي شاب أن يحتل مكانته؟
على الشباب المهتم بالسياسة سواء كان في الموالاة أو المعارضة أن يعلم أن المكانة السياسية لا تُمنح، ولا توزع مجانا، وإنما تنتزع انتزاعا.
عن نقاط الضعف لدى الشباب
يمكننا أن نجمل أهم مظاهر الخلل التي يعاني منها الشباب الموريتاني المهتم بالشأن العام في النقاط التالية:
1 ـ العجز البين في القدرة على خلق مساحات عمل مشتركة تجمع أكبر عدد ممكن من الشباب النشط، مع ضعف واضح في القدرة على التنسيق. ولعل الغريب هنا هو أن الشباب المعارض الذي لم يستطع أن يتجمع في تكتلات وتنسيقيات كثيرا ما كان ينتقد الأحزاب المعارضة عند تفكك تكتلاتها السياسية، وذلك على الرغم من أن تلك التكتلات لا تتفكك عادة إلا بعد سنوات من تأسيسها، وعند الوصول إلى محطات انتخابية حاسمة. نعم لقد استطاعت المعارضة التقليدية خلال العقد الماضي أن تتجمع وتتحالف في تكتلات سياسية تضمن الحد الأدنى من التنسيق لفترات قد تطول وقد تقصر، ولكن الشباب المعارض ظل عاجزا عن تحقيق مثل ذلك.
2 ـ اقتناع الكثير من الشباب أن دوره يقتصر فقط على نقد الأنظمة الحاكمة أو الطبقة السياسية التقليدية في الموالاة والمعارضة، الشيء الذي أبعده عن إنتاج الأفكار وتقديم المقترحات ومحاولة خلق البدائل السياسية؛
3 ـ غياب الرؤية والتخطيط والاكتفاء بردود الأفعال على ما يجري من أحداث؛
4 ـ سرعة الانجراف وراء الأخبار الكاذبة التي قد تلقى كطعم دون تحليلها والتأكد من مصداقيتها، وكذلك سرعة الانخراط في الحملات التدوينية السلبية.
كانت هذه مجرد محاولة لتشخيص واقع الشباب المهتم بالشأن العام، وقد ركزت على الأخطاء ونقاط الخلل، وذلك سعيا للفت انتباه المعنيين إليها، وربما تأتي ورقة أخرى في وقت آخر لتقديم بعض الأفكار والمقترحات في هذا المجال.
حفظ الله موريتانيا…