أولا المسؤولية الشرعية والقانونية: طيلة مسار مكب تفريت لم نسمع أي خطاب يتعلق بالمسؤلية الدينية والقانونية.
وهذين الجانبين هما أخطر ما في الموضوع.
لا شك أن المستثمرين في النفايات مسلمون يعلمون علما يقينيا أنهم مسؤولون عن كل تصرفاتهم؛ وسيعاقبون ويجازون عليها؛ لذلك سأذكرهم بخطورة الاستثمار في أي مكب قد يجر مرضا أو موتا لحيوان إو تلفا لنبات، فقد أجمعت المذاهب الفقهية ومجمعات الفتاوى على حرمة القيام بأي نشاط تجاري أو اجتماعي قد يجر ضررا لإنسان أو نبات أو حيوان، أو هواء، وفي هذا الصدد قال مجمع البحوث الإسلامية: “إن الذين يلقون المخلفات الضارة في الشوارع مفسدون، في الأرض لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح “مؤكدا في فتواه على” محافظة الإسلام على البئة وبقائها على الحالة التي خلقها الله عليها وخصوصا عناصر الحياة الأساسية وهي: الهواء والماء ،والنبات، فلإضرار بمقومات الحياة. نهى الله عنه بقوله تعالى(ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها).
والهواء النقي لاحياة للنبات والحيوان بدونه والقاعدة الفقهية تقول مالا يتم الواجب إلا به واجب، فمن تسبب في نقل مواد تجلب المرض للناس أوتفسد البئة أو الهواء….. يعتبر آثما ومفسدا، ويعاقب بحسب الضرر الذي سبب وقد يصنف محاربا ويحاكم بمضمون الآية الكريمة (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا او يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم)
فالإضرار بصحة الناس وتدمير البئة جريمة، مثل جريمة قطع الطريق، والقتل المباشر فعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى: “أن لا ضرر ولا ضرار، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شق الله عليه، وهذا الحديث مع قصر ألفاظه يشمل قاعدة فقهية عظيمة؛ ومن المعروف أن المدونة القانونية الوضعية مأخوذة من الشريعة الإسلامية، لذلك نكتفي بموقف الشرع في الموضوع.
فيا رجال الأعمال المستثمرين في مكب النفايات، بتفيريت أو في غيرها؛ توبوا إلى الله وقدموا أمره على مال حرام لن يكون إلا وبالا عليكم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم.
ثانيا: أرباح تجار النفايات وعطاءآتهم للمسؤولين أهم من حياة الناس: خلال تفاعلنا مع ملف نفايات تفريت اطلعنا على العديد من الخفايا الغريبة ومن تلك الخفايا أن الذي يحول دون تسوية مشكلة مكب تفريت وبنائه على أسس جديدة هو صراع رجال الأعمال والجهات الوصية على ما يمكن جنيه من منافع مالية من المكب، هذا هو سبب المماطلة والتأخير وجرعات الآمال الكاذبة التي تقدم للمتضررين جانب هام من اللعبة الكبيرة، وليس الحرص على مصلحة اؤلئك المواطنين أولوية في الدوائر الفاعلة في الملف، دوائر صنع القرار في مكب تفريت تهمها، تكاليف المكب الجديد وتتعصب لبقائه مع تحسينه لأن تكاليف نقل النفايات إلى تفريت مغرية ولأن البزنس بالنسبة لتجار النغايات أهم من حياة الناس.
ثالثا: الرئيس وطني وطيب وأهلا للمسؤوليته التي انتخب لها، لكنه لم يطلع حتى الساعة على خطورة المكب: نرى نحن معارضوا مكب النفايات القاتل بأن رئيس الجمهورية لم يطلع على حقيقة هذا المكب قد يكون كلف الوزير الأول أو الوزيرة المعنية بالبئة أو غيرهما بتقرير يمكنه من معرفة حيثيات الموضوع غير أن قناعتنا بأن ذلك التقرير لن يكون صادقا
إلا إذا التقى معده بالسكان المجاورين للمكب واستمع إليهم ودرس بعض حالاتهم المرضية التي أثبتت الخبرة الصحية والبئية علاقتها بتلك النفايات.
ولو كانت الدراسات التي يقدم المسؤولون للرؤساء صادقة، لما كانت الدولة تعاني من الفساد وتعترف بأنه منتشر في مؤسساتها، وتعلن عليه الحرب.
إن رغبتي في حل معضلة هذا المكب تلح علي في أن أطلب من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني أن يسمح بلقاء وفد يمثل المتضررين من مكب نفايات تفريت ويستمع إليهم مباشرة وفي ذلك نفع سياسي وأخروي له هو، وطمأنة لهم
وهناك مسألة أخرى خطيرة وغريبة لم يثرها أي مهتم بالموضوع وهي تفريط وزارتي الصحة والبئة في مسؤوليتهما
فلم لم يبادر وزراء الصحة الذين عايشوا قضية المكب؛ بمن فيهم وزير الصحة الحالي؛ الدكتور نذيرو ولد الحامد بدراسة الآثار الصحية لهذا المكب؟ اليسوا هم المسؤولون عن صحة جميع المواطنين الموريتانيين؟ ألسنا موريتانيين؟ ألم نقل نحن المعارضون للمكب أنه السبب في تفشي الكثير من الأمراض بقرانا؟ لماذا يهمل الوزير المعني بصحتنا قضيتنا؟ لماذا لم تقم وزارة البئة بدراسة الآثار البيئية للمكب.
رابعا :نعرف أن الرئيس يحفظ قول الله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) وقد قال في خطاب ترشحه إنه سيكون رئيسا لكل الموريتانيين وفعلا جسد ماقال لكننا نؤكد له أن الأغلبية الساحقة من المتضررين من المكب صوتت لصالحه ومازالت على عهدها معه لكنها لا تسيس هذا الملف ولا تساوم عليه ولا نربط بينه ومواقفها السياسية وتناضل ضده جنبا إلى جنب مع إخوتها الرافضين له سواء كانوا معارضة او موالاة
رابعا استشارة مجانية لنواب الأغلبية: لقد فرح المتضررون من مكب نفايات تفريت لزيارة برلمانيي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية مساء السبت 10يناير 2021 كما يعلقون عليها آمالا عراضا لكنني وهذا رأيي الشخصي أقول إنها إن تلك الزيارة جاءت متأخرة جدا جدا فقد بذلنا منذ عدة سنوات جهودا مضنية من أجل أن نجد برلمانيا واحدا من نواب الأغلبية ينقل قضيتنا لقبة البرلمان فلم نجد أي تجاوب.
ويعود –في رأيي –عدم تجوب الأغلبية- سابقا – مع قضية المكب إلى بقايا من ايديولوجية الحزب الجمهوري الديمقراطي PRDS حيث ترسخ في عهد هذا الحزب أن أي تضامن ودعم للمواطن المظلوم معناه معارضة النظام وهي قاعدة لا تتأسس على منطق سياسي سليم لأنها تضر بالنظام نفسه حيث تشحن المظلوم ضده وتمكن المعارضة التي تتعاطف معه لانتزاع مناصرين جدد من حزب الأغلبية.
لهذا فإنني أنصح نواب الأغلبية بالاستماع لكل متضرر ومناصرته إن كان مظلوما ولا يزهدنها في مناصرته إن ناصرته المعارضة
وبهذا تكون حكمت منطق العقل ومصلحة النظام السياسي الذي تدعم.