خاص بتيرس مديا: حكاية أقدم ملف سياسي إفريقي
الكركرات 19/11/2020
مراسل تيرس ميديا (نواذيبو): بعد ركود طويل لقضية الصحراء الغربية عادت مجددا للواجهة
المغرب لم يتريث طويلا حيث تدخل من خلال كتيبة من القوات المسلحة لم تشأإطلاق النار بصفة مباشرة وإنما أطلقت أعيرة نارية هوائية واستعملت التهديد اللفظي واستخدامت الهراوات والتلويح بالقوة
المواطنون الصحراويون لم يكونوا مسلحين كما يبدو أنهم تلقوا أوامر بعدم استخدام العنف
لأن الموضوع يتعلق برسالة سياسية موجهة للعالم ولهيآت المجتمع الدولي لتتنبه للقضية الصحراوية وتتذكرها من جديد
بعد أن سيطر المغرب على الموقف بدأفي تفكيك مخيم قندهار الذي هو عبارة عن تجمع بشري يضم مئآت السائقين وتجار العملة والمهربين وقد تكون منذ ثلاثة عقود وأخذ مكانته الاقتصادية من خلال تجارات السيارات التي يستقدمها الموريتانيون بكثرة كما أن خدمات بيع العملة والوساطة التجارية تجد مكانتها في تجار مخيم قندهار
وتقول السلطات المغربية إن المخيم يحتضن تجارة المخدرات
وأنه مظنة لعبور واختفاء الإرهابيين
وقد حفر المغرب خندقا عميقا وبنى حوله جدارا رمليا ومدعوما بالصخور على طول الخط الرابط بين الحدود الموريتانية المغربية بمنطقة الكركرات .
ردود أفعال متباينة:
أما موريتانيا فقد دعت لضبط النفس والعودة للشرعية الدولية
هل تعود المنطقة للحرب مجددا ؟
تقول جبهة البوليساريو إن الحرب بدأت وأن قواتها تخوض الآن معارك طاحنة في أعماق ما يسميه الصحراويون بالمناطق المحررة
ومع ذلك فإن المصادر الأمنية المحايدة والهيآت الإعلامية الدولية لا تؤكد هذا الخبر
وقد تكون الجبهة قامت بعمليات عسكرية خاطفة محدودة لم يشأالمغرب الحديث عنها
لكن المعطيات تؤكد أن الحرب لم تبدأبعد بين طرفي النزاع .
عن احتمالات قيام الحرب :
يقول الباحث والأستاذ الحامعي الدكتور محمد ولد الرباني : لا شك أن جبهة البوليزاريو ترغب في الخروج من الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئون الصحراويون منذ أكثر من خمسة عقود ومخطط الأمم المتحدة السلمي في حالة موت سريري لكن الظرفية الدولية والإقليمية غير مواتية فالمعسكر الشرقي لم يعد قائما ولا توجد قاطرة عالمية اليوم قادرة على قيادة النضال والجزائر لها شؤونها وشجونها والمغرب هو الآخر عجز عن حسم ملف الصحراء نهائيا
وهو يسيطر على جل الإقليم لكن بتكاليف باهظة ولا يمكن استمرارها حيث يدعم أسعار الكثير من المواد الغذائية من خلال الخزينة ويتكلف بتوفير بعض المواد بصفة مجانية كل ذلك في سبيل إرضاء السكان ويضيف الدكتور الرباني إن مجهود الأمن والصرف على آلاف الجنود في الإقليم يضاعف هو الآخر تكاليف السيطرة على الإقليم
ملف الصحراء الغربية في وضع برزخي بين السلم والحرب وهو أكبر معوق لتنمية المنطقة اقتصاديا .ولاستقرارها سياسيا
الموريتانيون والصحراويون يشكلان شريحة اجتماعية واحدة هي شريحة البظان
الموجودة في المنطقة التي تستوطن الحيز الواقع ما بين وادي درعة ووادي نهر السنغال شمالا ونهر النيجر جنوبا ومن جبال افو غاس شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا وهي المنطقة المعروفة محليت ب: اتراب البظان وتشترك هذه الشريحة في اللغة الحسانية والعادات والتقاليد ووحدة الزي
البظان جميعا يلبسون الدراعة والملحفة ويستمتعون بموسيقى التدنيت وآردين ويشربون الشاي
ولا يحجز بينهم أي حاجز طبيعي.
مصائب التقسيم
دمرمؤتمر برلين 1885 الذي قسم الأربيون بموجبه إفريقيا وما تلاه من مؤتمرات واتفاقيات استعمارية إقليمية وحدة الشعوب وبنيتها الاجتماعية وقد كان آخر هذه المؤتمرات وأخطرها على وحدة البظان مؤتمر تقسيم “ااتراب البظان سنة 1900″ الذي وزعت بموجبه المنطقة وساكنتها إلى إقليمين أحدهما يتبع للسيادة الفرنسية (موريتانيا ببنيتها وحدودها الحالية ) وثانيهما يتبع للسيادة الإسبانية (الصحراء الغربية).
كرونولوجيا العلاقات الموريتانية الصحراوية :
في سنة 1900تم تقسيم اتراب البظان إلى جزئين أحدهما تحكمه فرنسا وثانيهما تحكمه إسبانيا وقد نص اتفاق التقسيم على على عدم السماح للنفوذ المغربي بأن يتجاوز وادي درعة وعلى تعيين لجنة مكلفة برسم الحدود لكن تلك اللجنة لم تجتنع قط .
وقد أكد الكثير من وجهاء الصحراء وبعض شبابها المثقف في مؤتمر عقدوه في طرابلس 1975 عن تشبثهم بالعلاقات الموريتانية الصحراوية الخاصة
كما أن محكمة العدل الدولية اعتبرت أن موريتانيا والصحراء يشكلان وحدة اجتماعية ويرتبطان بمسا ر تاريخي واحد
لكنها أصدرت حكما واضحا بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بنفسه
في خضم هذه التفاعلات جاءت اتفاقية مدريد في نفمبر تشرين الثاني 1975التي أقرت بقاء الإقليم تحت رعاية الأمم المتحدة تحضيرا لاستفتاء يقرر فيه الصحراويون شؤونهم بأنفسهم وفي 14نفمبر من نفس السنة صدر بيان ثلاثي إسباني مغربي موريتاني شرع تسليم الإقليم للمغرب وموريتانا
مع ضمانات اقتصادية لإشراك إسبانيا في ثروات الصحراء
التقسيم والاستعمار:
من كل هذا يمكن أن نستنتج ما يلي:
أولا أن جزءا من جنوب المغرب
وجزءا من جنوب الجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا جزء من منطقة اتراب البظان التي تعتبر موريتانيا مركزها وعمقها الثقافي
ثانيا — أن اللهجة الحسانية وموسيقى التدنيت وآردين والتبغ والدراعة والملحفة ووحدة الدين والعقيدة والمذهب الفقهي هي مشتركات مجتمع البظان القوية بل إنك إن بحثت ستجد مدى قوة الروابط التي تجعل من البيظان قومية فرقها الاستعمار والسياسة
ثالثا — أن القبائل والمجموعات البيظانية التي تتكلم الحسانية
وتسكن الصحراء وموريتانيا تربطها علاقات ووشائج خاصة
تجعل منها مكونا اجتماعيا واحدا
أكثر خصوصية وعلاقة من بقية البظان
رابعا –:أن الدولة الموريتانية انتقلت في علاقاتها مع الشعب الصحراوي من دور الأخ الداعم
للخروج من ربقة الاستعمار إلى المستعمر الشريك من خلال الشراكة مع المغرب في عملية تقسيم الصحراء
إن السؤآل الذي يجب أن يطرح على النظام الموريتاني إثر اشتراكه في تقسيم الصحراء مع المغرب هو لماذا يقبل بالتخلي عن جزء من مجتمع البظان يتسم بنفس الصفات والسمات التي يتسم بها بقية البظان وتقبل بسيادة المغرب عليه
وفي اعتقادي عقدة عدم اعتراف المغرب بموريتانيا في السنوات الأولى لاستقلالها جعل السلطة الموريتانية تقبل باقتسام الصحراء معها لأن ذلك يعبر بقوة عن الندية كما أنه يضمن حماية الحوزة الترابية الموريتانية الموروثة عن فرنسا
فهل معنى ذلك أن موريتانيا
جعلت من الشعب الصحراوي درعا بشريا تحمي به حدودها الموروثة عن الاستعمار الفرنسي إن استخدام الدروع البشرية تعاقب عليها المادة 6
من القانون الجنائي الدولي الموقع عليها ضمن معاهدة روما
دور موريتانيا في الملف الصحراوي
لقد أحرقت موريتانا أوراقها بخروجها الساذج من منطقة الصحراء إثر اتفاقية 1979التي وقعت مع الجمهورية الصحراوية
فقد كانت مقتضيات التفكير الاستراتيجي تملي على حكام موريتانيا يومئذ أن يسلمو وادي الذهب للأمم المتحدة مما سيقضي ببقائه تحت الرعاية الموريتانية حتى يتم حل المشكل الصحراوي
هذا الإجراء كان سيجعل من موريتانيا لا عبا شريكا في ملف الصحراء كما كان قوي الأثر في تأمين حدودها
وقد جرت عاطفة الثورة الساذجة الصحراويين إلى تشجيع موريتانيا على الانسحاب
لكن المغرب لم يضيع الفرصة فسيطر على المنطقة وهكذا كانت اتفاقية 1979بين البوليساريو والمغرب هدية للمغرب
لقد جر ت الهزيمة وعدم فهم مقتضيات السياسة الدولية حكام انواكشوط إلى الخروج من الصحراء بدون ثمن
أما اليوم فإن حقائق الجغرافيا تفرض على كل من المغرب والجمهورية الصحراوية أن يتعاملا مع موريتانيا كطرف محوري في الملف
فموريتانيا هي المنفذ البري الوحيد للمغرب على إفريقيا فعليها أن تحسن استغلال هذا المعطى لا بالإضرار بالمغرب ولكن باستخدامه رادعا لأنه يشكل ورقة اقتصادية وأمنية قوية
كما أن موريتانيا تؤثر جغرافيا على العمليات العسكرية للطرفين باعتبار حدودها الواسعة المفتوحة على الحدود الصحراوية وفي هذا السياق فإن من واجب موريتنيا أن تلتزم الحياد الحقيقي الذي يمكنها من أن تكون مسموعة الكلمة من الطرفين ولا يجز لأي من الطرفين أيضا أن يتدخل لموريتانيا في سياستها وعلاقاتها مع أي منهما فمثلا لا يجوز للجزائر وجبهة البوليساريو أن تعتبر زيارة محمد السادس المستقبلية لموريتانيا وتعاونهما
تحول من محور لآخر أو توجه معاد فهي حرة في سياستها وسيادتها
وعلى كل فإن من واجب موريتانيا أن تستخدم أوراقها السياسية والجغرافية والاقتصادية لتكون لاعبا أساسيا في ملف الصحراء حماية لمصالحها الاستراتيجية
البظان :
تملك موريتانيا ورقة قوية هي ورقة توزع البظان وحضورهم الديمغرافي في المنطقة المغاربية والإفريقية وفي هذا النطاق فإن
عليها أن تفعل العلاقات الاجتماعية والثقافية بالشعب الصحراوي” وببظان الجزائر” من مجموعات الركيبات” وتاجكانت” وكنته “وغيها من مجموعات البظان الموجودة في المغرب وذلك عن طريق التعاون الأهلي المنظم بين الروابط والجمعيات الثقافية والإعلامية
ومهمى يكن من أمر فإن شريحة البظان شريحة قوية وسيكون لها دور فاعل في الحراك الشرائحي القومي في المغرب العربي
….
محطات مهمة في تاريخ الصحراء:
1884هيمنة إسبانيا على الإقليم الصحراوي و في سنة 1900تم تقسيم المجال الجغرافي الواقع مابين وادنون شمالا ونهر السنغال جنوبا المعروف باتراب البظان
1906لقاء وفد من بظان موريتانيا والصحراء بقيادة الشيخ ماء العينين بملك المغرب ملاي عبد العزيز من أجل دعمهم في مقاومة المستعمر
1930 تفعيل التنسيق الفرنسي الإسباني من أجل إحكام السيطرة عل الإقليمين الموريتاني والصحراوي
1957يعلن النائب المختار ولد داداه عن حلمه في قيام دولة البظان التي تضم بظان موريتانيا والصحراء وأزواد
1958 اتفاق دفاعي اسباني فرنسي لمواجهة نفوذ جيش
التحرير في الصحراء الغربية وموريتانيا
وفي سنة 1961إعلان إسبانيا منطقة الصحراء محافظة إسبانية 13دجنبر 1975الأمم المتحدة تطلب من محكمة العدل الدولية إعطاء رأيها القانوني في الملف الصحراوي
14دجنبر الا تفاق الثلاثي الإسباني المغربي الموريتاني وتقسيم الصحراءإلى منطقتين: الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا وشهد الشهر نفسه انطلاق المسيرة الخضراء المغربية
26 فبراير1975 الإعلان عن قيام الجمهورية الصحراوية
ثم اندلاع الحرب بين التحالف الموريتاني المغربي وجبهة البوليساريو وحلفاؤها بقيادة الجزائر
مع الإشارة إلى أن الصحراويين شرعوا في مقاومة الاستعمار الفرنسي قبل هذا التاريخ بفترة طويلة ونفذوا الكثير من العمليات العسكرية 1978الانقلاب العسكري في موريتانيا
1979 خروج موريتانيا من الصحراء الغربية وتوقيعها اتفاقية سلام مع جبهة البوليزاريو
بعد حرب المواجهة بين البوليزاريو المدعومة بصفة أساسية من طرف الجزائر وحلفائها من جهة والمغرب وموريتانيا من جهة ثانية عرف الملف مستجدا تمثل في انسحاب موريتانيا وتوقيعها اتفاقية مع البوليزاريو سنة 1979 أعلنت بموجبها التخلي عن كافة اطماعها في الإقليم
ملف الصحراء والعلاقات الموريتانية المغربية:
فيما بين سنتي 1975 ولغاية انقلاب 1978 على الرئيس المختار ولد داداه تميزت العلاقات الموريتانية المغربية بالانسجام والتنسيق المطلق في مجمل الملفات والقضايا الإقليمية والدولية وذلك بسبب شراكتهما في ملف الصحراء الغربية فقد كانا يقاتلان عدوا مشتركا، وبانسحاب موريتانيا من ملف الصحراء وتوقيعها اتفاقية سلام مع جبهة البوليساريو 1979بدأت غيوم الشك والصراع الإقليمي بين الطرفين كما انقسم حكام موريتانيا العسكريون إلى جناحين أحدهما يرى ضرورة التحالف مع المغرب وثانيهما ينزع للجزائر وقد مثل كل من رئيس الوزراء السابق المرحوم أحمد ولد بسيف والرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة أطال الله عمره هذا الصراع فقد اتهمت موريتانا المغرب بدعم حركة 16 مارس 1981 التي قامت بمحاولة إسقاط النظام ضمن انقلاب عسكري انتهى بإلقاء القبض على قادة الانقلاب وإعدام بعضهم والحكم على البعض بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة، وإثر هذا الحدث قطعت موريتانا علاقاتها الدبلماسية مع المملكة المغربية كما أصدرت مرسوما حرم على المواطنين الموريتانيين السفر إلى المغرب وصنفت في جواز السفر الموريتاني دولة تحرم زيارتها على الموريتانيين فكانت المغرب وجنوب إفريقيا العنصرية يومئذ الدولتين اللتين تحظر زيارتهما على الموريتانيين، وفي عهد الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع شهدت العلاقات الموريتانية مع كل من الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية توازنا ظل مفقودا لفترة طويلة من الزمن أما في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز فقد شهدت العلاقات الموريتانية المغربية بعض التوترات والتقلبات مقابل تحسن واضح في العلاقات الموريتانية الصحراوية
الجزائر والمغرب:
في سنة 1981 دفعت معطيات دولية وإقليمية بالمغرب والجزائر للتفاوض سرا لكن تلك المفاوضات فشلت
وفي الثلاثين من شهر أغسطس 1988 تبنت الأمم المتحدة مسلسلا سلميا لحل القضية يقوم على تنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم انطلاقا من خيارين هما الإندماج مع المغرب أو الاستقلال عنه وعلى ذلك الأساس أصدر مجلس الأمن في 19 ابريل 1991 القرار رقم 690 المنشئ لبعثة المونيرسو الأممية التي ستشرف على العملية وفي نفس السياق قرر مجلس الأمن 6 سبتمبر أيلول 1991 تاريخا لبدء سريان وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو
لقاءت تحت الطاولة:
وصلت الجهود الدبلماسية بين المغرب وجبهة البوليساريو حد التفاوض المباشر واللقاءآت الثنائية ففي سنة 1979جرى أول اتصال سري بين الطرفين بالعاصمة المالية باماكو لكنه لم يسفر عن نتائج تذكر، وفي سنة 1989 صرح الملك المغربي الحسن الثاني لصحيفة (le point) الفرنسية بأنه مستعد للقاء البوليساريو فاستجابت الجبهة وتم اللقاء بين الطرفبن بمراكش وفي يوليو 1996 تم تنظيم لقاء سري بجنيف بين وفد مغربي وآخر صحراوي واستمرت اللقاءآت التي تضمنت لقاء وفد من البوليساريو بولي العهد محمد السادس وفي 23يونيو أشرف المبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء على محادثات مباشرة بين المغرب والبوليساريو في لشبونه حضرتها الجزائر وموريتانيا بصفة مراقب لمسار التسوية، والحديث يطول عن اللقاءآت السرية والمحادثات الخاصة….التي جرت بين الطرفين
محمد الأمجد ولد محمد الأمين السالم لـ “تيرس ميديا”